كتب: مجد عبيسي
آه من صداقة الكراسي، موجعة للرأس صدقوني، ياما بلعت لساني قبل أن أرد في حضرة سيادته، وكم من ضحكة أطلقتها تحت التهديد على نكتة ألفها مهرج في بلاط زنوبيا.. المهم، ما يعنينا في الأمر ما حصل أمس حين كنت عند سيادته أحتسي قهوتي الوسط مع ابتسامتي المتوترة وهو يتفرسني كالعادة لمعرفة سبب الزيارة، حين باغتني بعبارة: ماذا؟!
قلت: ماذا؟!
قال: أعجبني ما كتب هذا الذي عندكم.. أيمن قحف عن الحكومة.. "فرغت جعبتكم"..
تبسمت له ابتسامة فحواها "لأجل التصحيح.. أنا الذي عنده، ولكن لا أستطيع أن أرد عليك طرفتك الباردة"..
ثم نطقت: فعلاً.. حقاً..، ولكن ما أكثر ما أعجبكم فيها؟
قال: ذكر عبارة "..هل يدلنا أحدكم على عشرة أشخاص في المناصب لم يطلبوا الولاية؟!"
وهنا شردت شردة الخائف من أن يبدأ الحديث عن مثالياته الدونكيشوتية، ووصوله العصامي للكرسي، وكيف تعب سيادته وهو يتعفف عن القبول، ولكن جروه إليه جراً... وطبعاً، ما خفت منه كان..
عانيت اللحظات التالية.. وأحسست فيها أن فنجان القهوة بات كالمحيط، لكن حلقي جاف، ولساني أمسكته اللوزتين لئلا يرشقه بذكرى منذ سنوات مضت حين دعوت له ممازحاً: "أتمنى أن تصل لأعلى المراكز.." كيف تنهد بحرقة عانس أربعينية دعت جاراتها لها بالعريس، فلفظت "آمين".
ورأيت هنا رأي العين حالة الشيزوفرينيا لتهاوي مصاب بطلق ناري وعقله يقول: "هذا لا يحدث لي، يحدث فقط للآخرين".
وصدقت على افتتاحية رئيس التحرير حين قال: "من يدقق في المشهد العام هذه الأيام فسيشعر بأعراض الشيزوفرينيا".. ودمتم.