كتب: أيمن قحف
يقول الخبر الذي نشرناه في سيريانديز منذ أيام أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عاطف النداف دعا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء ظاهرة باعة الخبز أمام الأفران، وتم تناقل هذا العنوان بكثير من الاهتمام في المواقع والصفحات وكأنه إنجاز يسجل للحكومة والوزير الجديد.
هل لنا أن نسأل بماذا يؤذي هؤلاء الوطن والمواطن ونسأل من هم هؤلاء اصلاً؟
إن جولة على الباعة قرب المخابز في آخر المتحلق الجنوبي أو فرن المزة بنك الدم أو فرن المزة الشيخ سعد أو أي فرن آخر، يريك أن الباعة هم إما من مجموعة من النساء الفقيرات اللاتي يقفن في البرد والحر ليلاً نهاراً او مجموعة من الأطفال الذين لا يجدون من يعتني بهم يساعدون أسرهم، أو أحياناً تجد شابات أو رجال موظفين أو جنود يقفون على دور المخبز طويلاً ليستفيدوا من فارق السعر بين السعر النظامي وبن السعر الذي يباع على الطريق.
من هم الزبائن الذين يدفعون 100 ليرة بدل خمسين سعراً لربطة الخبز؟
هم أناس يملكون الملاءة المالية غالباً، ويفتحون نافذة السيارة ليأخذوا عدة ربطات من هذا البائع الواقف ربما لساعات على الفرن وساعات على قارعة الطريق لينهي نهارة بمئة أو مئتي ليرة أو حتى 500 ليرة يسد بها رمقه.
ولا نعتقد أن هناك من يشتكي من المشترين الذين هم غالباً ذوي دخول مرتفعة جداً ووقتهم الثمين لا يسمح لهم بالوقوف على الأفران، وبالتالي هي علاقة منطقية جداً ما بين شخص يستثمر وقته ليؤمن مصدر دخل إضافي له وهو شخص فقير يحتاج إلى الخمسين ليرة الأضافية ثمناً لوقوفه في البرد الشديد أو الحر، وما بين شخص ليس لديه وقت ولديه مصادر دخل كبيرة وأعمال أهم من الوقوف على الفرن فتتسخ ياقته البيضاء.
فهي علاقة منطقية ما بين طرف يبيع الوقت وطرف يشتريه، وهذه الظاهرة بكل الأحوال لا تتجاوز ربما 1% أو 2% من إجمالي المبيعات، فهل هي مشكلة المخابز فعلاً؟
لنفكر بموضوع القمح، لنفكر بموضوع نقل المواسم، لنفكر بموضوع تخفيف المستوردات والاعتماد على الناتج المحلي، لنفكر بتأمين الخميرة، لنفكر بالقضاء على الفساد ولا سيما في المخابز الاحتياطية وموضوع المشرفين الذين يربحون بالملايين ولا تستطيع حكومة بأكملها أن توقفهم عند حدهم!
لنفكر بنوعية الرغيف وكيف نقدم للمواطن رغيفاً نظيفاً دون أن تنتهك كرامته وهو يقف لساعات على ربطة الخبز، لنفكر بالقضايا الكبرى، أما أن نلاحق بائعاً مسكيناً أو امرأة تطعم أطفالها بفارق خمسين ليرة يدفعها شخص قادر؟!
إن كانت هذه القضية فنحن نلاحق القشور فقط!