سيريانديز
بدأ مصرف سورية المركزي بمشروع الألفي ليرة منذ عام 2011 عبر مرسوم يقضي بإصدارها، ولكن تم تجميده حتى عام 2017 خوفاً من ردة الفعل النفسية عند المواطنين, كي لا يتم تفسيرها على أنها تضخم أو شيء مريب، ومع توالي الشائعات حول نية المركزي بطرح فئة الخمسة آلاف ليرة، فإن هذه الخطوة تحتاج دراسات خاصة بالمركزي، فإصدار فئة جديدة من دون المعايير المطلوبة سيشكل إشكالية اقتصادية.
التأثيرات النفسية لدى أفراد المجتمع عادةً ما تكون لها أهمية توازي التأثيرات الاقتصادية، فمثلاً بتعديل نوعية فئة الخمسين ليرة من الورقية إلى المعدنية يظن البعض أنها خسرت قيمتها الشرائية لكن لا تتعدى كونها تغييراً على الصعيد الشكلي فقط.
القانون لا يسمح
ليس لدى الحكومة أي نية في طرح فئة نقدية جديدة بقيمة 5000 ليرة، وهذا ما ألمح به رئيس هيئة الأوراق المالية د.عابد فضلية في حديث لـ«تشرين» عندما قال: لم يتم الحديث عن إصدار فئة نقدية من الخمسة آلاف، موضحاً أنه في حال كانت لدى الحكومة نية بذلك، فسوف يكون الهدف منه سهولة التداول والشحن، فمثلاً بدلاً من شحن خمس حاويات من فئة الـ1000 ليرة يتم شحن حاوية واحدة من فئة الـ5000 ليرة، علماً أنه غالباً ما تتم طباعة عملة نقدية بقيمة العملة المهترئة فقط إلا في حال أشارت الدراسات والمعادلات المتعلقة بكمية العملة وحركتها وغيرها التي يقوم بها مصرف سورية المركزي إلى ضرورة طباعة عملة إضافية.
لا نعتقد أن هناك إمكانية لطباعة فئة نقدية بقيمة 5000 ل. س – في الوقت الراهن- قبل تعديل قانون النقد الأساسي، كما حدث مع فئة الـ2000 ل. س، والتي تمت طباعتها بعد ست سنوات من صدور المرسوم 115 لعام 2011 الذي أضافها فئة نقدية جديدة، وينطبق الأمر ذاته على إصدار الخمسة آلاف ليرة سورية، وهذا ما أكدته الباحثة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب لـ«تشرين» بقولها: إن طباعة ورقة نقدية من فئة الـ 5000 ل. س التي يُشاع الحديث عن إصدارها، ليس في الإمكان إصدارها من دون أن يسبقها تعديل لقانون النقد الأساسي 23 لعام 2002 والذي حدد فئات الأوراق النقدية من 1 ل. س إلى 1000 ل. س وفقاً للمادة /16/ التي تلاها, إضافة فئة 2000 ل. س بموجب المرسوم التشريعي 115 لعام 2011. وأضافت د. سيروب أنه «من خلال البحث في القوانين الخاصة بالنقد سواء على موقع مصرف سورية المركزي أو موقع مجلس الشعب السوري لم نجد ما يبين أنه تم تعديل قانون النقد الأساسي ليسمح بطباعة 5000 ل. س»، موضحة أنه «في عام 2011 صدر مرسوم تم من خلاله إصدار فئة نقدية بقيمة 2000 ل.س».
إشكالية أخرى
إصدار فئة نقدية جديدة أو تعديل نوعيتها من ورقية لمعدنية تترك آثار سلبية لدى المواطن مفترضاً أنه تضخم أو أي شيء غير طبيعي, إلا أن رئيس هيئة الأوراق المالية قال إنه «لا أثر لفئة العملة في الاقتصاد في حال كانت مقابل العملة المهترئة، فهي لا تعبر عن شيء سوى أنها تختصر فئات أخرى من حيث الكم الذي تتم طباعته بين فترة وأخرى مقابل العملة التي يتم إتلافها».
وفي ظل غياب الإحصاءات النقدية طوال سنوات الحرب لا يمكن الحديث عن المنعكسات الاقتصادية بدقة، هذا ما أوضحته الخبيرة الاقتصادية لـ«تشرين»، مضيفة أنه حصل استنزاف كبير للاحتياطيات من ذهب وعملات أجنبية قابلة للتداول سواء من أجل تغطية متطلبات السوق المحلية أو بسبب تقلص موارد القطع الأجنبي.
وتزامن الاستنزاف مع توقف التسليفات بالليرة السورية وعدم وجود سندات خزينة، أي إن جميع عناصر التغطية النقدية التي يجب الالتزام بها قبل إصدار أي عملة غير محققة، وهذا يضعنا أمام إشكالية أخرى وهي طباعة عملة من دون تغطية نقدية، أي طباعة عملة لا تستمد قوتها الإبرائية إلا من خلال توقيع حاكم مصرف سورية المركزي ورئيس مجلس الوزراء وليس من خلال قيمتها الاقتصادية (حسبما قالت سيروب). وقالت الخبيرة الاقتصادية: إن قانون النقد الأساسي نصّ في مادته 21 (لا يجوز إصدار أي قطعة نقدية ما لم تقابلها زيادة مساوية في موجودات مصرف سورية المركزي من الذهب والمطاليب بالعملة الأجنبية والتسليفات بالليرة السورية وأسناد الخزينة، حيث يشكل الذهب والعملات الأجنبية القابلة للتداول 40% من نسبة التغطية).
وبينت الخبيرة الاقتصادية: إن «الجواب بشأن منعكسات طباعة العملة سيكون في سياق النظريات الاقتصادية ومن خلال المشاهدة والمتابعة لحالات سابقة لإصدار عملة جديدة»، مضيفة أن «أي طباعة للعملة من دون أن يرافقها سحب للكميات المطبوعة نفسها سينعكس على زيادة النقد في التداول وبالمقارنة مع جمود الإنتاج المحلي ستترتب على ذلك, حكماً آثار تضخمية».
الآثار التضخمية -حسب سيروب- سيكون لها تأثير أكبر بكثير مما تستند إليه العلاقة بين النقد وحجم الناتج، لأن التضخم سيظهر بسبب توقعات الأفراد بأن طباعة العملة ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتالياً فإن المنعكسات النفسية لقرار الطباعة ستؤدي إلى رفع الأسعار بمستوى أعلى مما تبينه العلاقة الاقتصادية بين حجم النقد وحجم الإنتاج، حيث اعتاد المواطن أن طباعة عملة جديدة (سواء تم أو لم يتم سحبها من التداول) ستنجم عنها منعكسات تضخمية.
قريباً.. الـ50 المعدنية
إصدار الـ50 ليرة المعدنية صار قاب قوسين أو أدنى، حيث رأى رئيس هيئة الأوراق المالية في الحديث الأخير لحاكم المركزي المخول الوحيد بالتصريح أن إصدار الفئة الجديدة سيتم خلال أسابيع قليلة.
وقال فضلية: إنه من المنطقي تبديل الـ50 ليرة من فئة ورقية إلى معدنية لأنها أصبحت مهترئة ومفقودة من السوق نتيجة تعرضها للتلف، مضيفاً «مادامت فئة موجودة وصغيرة والكل يعلم بوجود ضرورة لتبديلها فلن يكون لإصدارها سوى وقع إيجابي».
تداول العملة
العملة السورية متداولة في بعض الدول وخاصة الدولة التي تمت الطباعة فيها وبعض الدول الحدودية ولكنها ليست عملة صعبة ليتم تداولها في جميع البلدان، إلا أنه من الممكن أن يتم الاتفاق مع الدول الاخرى لاعتماد عملة البلدين في التبادل التجاري وتالياً تداول عملة البلدين (حسبما قال فضلية). وفيما يخص العملة التي يتم إتلافها فهناك آلية خاصة يتبعها المركزي لإخراجها من التداول، والحكومة هي من تتحمل خسائر العملة المهترئة.