دمشق- سيريانديز
“لون العالم برتقاليا” دعوة أطلقتها الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يصادف ال 25 من تشرين الثاني من كل عام من أجل أن ينضم الجميع لجهود انهاء هذه الظاهرة السلبية في جميع أنحاء العالم مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا بمن فيهن اللاجئات والمهاجرات والمتأثرات بالصراعات والكوارث الطبيعية.
وتطلق الأمم المتحدة في هذا اليوم “حملة ال 16 يوما من الأنشطة المناهضة للعنف ضد المرأة” وتستمر حتى ال 10 من كانون الاول الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان بهدف رفع الوعي وخلق رأي عام مساند في كل مكان لإحداث التغيير ومناهضة كل اشكال العنف الموجهة ضد المرأة والفتاة وتسليط الضوء على هذه المشكلة ودعوة المجتمع المحلي والدولي إلى السعي نحو ايجاد حلول جذرية لها.
وفي سورية تعمل جمعيات أهلية إلى جانب جهات حكومية من أجل التصدي لهذه الظاهرة عبر نشاطات توعوية وبرامج لإعادة تأهيل النساء الناجيات من العنف وتميز هذا العام بافتتاح الهيئة السورية لشؤون ا[سرة والسكان في اذار الماضي وحدة حماية الاسرة لاستقبال حالات تعرضت للعنف من نساء وأطفال في دمشق.
والوحدة التي تشكل أول مكان حكومي يقدم حزمة خدمات متكاملة لتمكين الناجيات من العنف بدأت حسب رئيس الهيئة السورية لشوءون الأسرة والسكان الدكتور اكرم القش باستقبال النساء منذ اربعة أشهر لتقدم لهن مختلف انواع الدعم والاحتياجات والإقامة الموءقتة بمدة لا تتجاوز ستة أشهر.
ويشير القش إلى أن مساعدة هذه الشريحة من السيدات كانت تتم سابقا عبر جمعيات أهلية بالتنسيق مع جهات حكومية لكن الوحدة تجربة رائدة في تولي الحكومة السورية هذه المهمة “سنعمل على تعميمها على باقي المحافظات” بحيث تكون على الاقل وحدة حماية اسرية بكل محافظة ضمن خطط استجابة سريعة حتى عام 2020.
وعن خدمات الوحدة يوضح رئيس الهيئة انها تقدم للنساء والأطفال الذين تعرضوا للعنف سلسلة متكاملة من الخدمات القانونية والصحية والتعليمية كما تم توسيع نطاق العمل ليشمل توفير نوع من الخدمات للنساء ضمن اسرهن عبر عيادات خارجية بحيث يمكن مراجعة الوحدة والحصول على دعم نفسي او استشارة قانونية وصحية لأي سيدة تعرضت للعنف.
ويكشف القش أن معظم الحالات الموجودة في الوحدة نساء تعرضن لعنف من قبل الزوج او الاسرة اضافة الى حالات عنف اسري تجاه الاطفال ما يدفع الهيئة للتركيز في هذا الملف على البيئة المولدة للعنف مع الاستمرار بتقديم الخدمات الداعمة للمعنفات وإعادة تأهيلهن.
وفي وقت يرى فيه القش ان ظاهرة العنف ضد المرأة قديمة في المجتمع كاجبارها على الزواج المبكر وحرمانها من التعليم والعمل يبين أن الحرب الارهابية التي تتعرض لها سورية اسهمت بازدياد هذه الظاهرة لأسباب متعددة منها الوضع الاقتصادي والنفسي ما استدعى تكثيف الجهود للقضاء عليها.
وفي تصريح مماثل يشير الدكتور عربي المصري استاذ في كلية الاعلام ومحاضر في ورشات عمل تدريبية حول قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى أهمية دور الاعلام في التوعية بقضايا العنف ضد المرأة “بشرط معرفة كيفية التعاطي معها واختيار النوع الاعلامي المناسب واللغة وامتلاك المعرفة القانونية والاجتماعية الكاملة”.
ويرى الدكتور المصري أن اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة والحملة العالمية المرافقة له محاولة لتذكير العالم بان هذه القضية يجب أن تأخذ حقها على مختلف الصعد .
وقال: “يجب أن نعمل من اجل تخفيف الالم الناجم عن العنف وليس اخفاءه ولا سيما أنه يتضاعف خلال الأزمات والحروب”.
ويجد الدكتور المصري ان الاجراءات المتخذة لتمكين النساء المعنفات وحمايتهن لا تعتبر كافية إلا اذا ركزت على التربية وتثقيف الشريك الآخر وهو الرجل وتوعية الجيل القادم بخطورة القضية ومحاسبة من يرتكب العنف وردعه بالقانون.
وتقدم جمعيات اهلية برامج ومبادرات متعددة خاصة بدعم وتمكين المرأة ومنها جمعية الندى التنموية التي أطلقت عام 2011 بالتعاون مع المفوضية
العليا لشؤون اللاجئين مشروعا تشاركيا يضم حسب مديرته نور جحا برامج عدة منها للدعم النفسي والتعليم المهني والدراسي والقروض وحماية الطفل والمساعدات الطبية والعينية والتأهيل المنزلي لأسر الاشخاص ذوي الاعاقة فضلا عن برنامج مخصص لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وتوضح جحا أن هذه البرامج التي تنفذ في مراكز الجمعية بدمشق وريفها تركز على تمكين الأسرة ولا سيما النساء مهنيا وتعليميا واجتماعيا عبر إقامة دورات تدريبية لمهن مختلفة تحصل المتدربة بموجبها على شهادة تؤهلها للحصول على قرض تمويل مشروع صغير ودعمها لإدارته لافتة إلى التنسيق مع الاتحاد العام للحرفيين لمنح النساء المتدربات بالمشروع شهادة للمزاولة.
وتشير حجا إلى وجود وحدة انتاجية في الجمعية لعرض منتجات النساء المشاركات في الدورات التدريبية أو الأشغال التي يصنعونها في منازلهن.
ويصنف العنف ضد المرأة كأشد أشكال التمييز حسب الامم المتحدة حيث تتعرض امرأة واحدة من بين كل 3 نساء للعنف الجسدي و/أو الجنسي في مرحلة ما من حياتهن.