سومر إبراهيم
بدأتُ بكلمة سُلطة باعتبار الصحافة وحسب العرف الاجتماعي تمثل سلطة صُنفت بالمرتبة الرابعة لقوتها وقدرتها على تحريك الرأي العام وصناعة القرارات وإحداث تغيير في المجتمعات، هذا عندما تمارس دورها الحقيقي الاستقصائي ويكون معها مفاتيح الأبواب الموصدة، ولكن مع المتغيرات التي تحدث اليوم للمهنة وسعيها واستخدامها بغير الهدف التي وضعت لأجله تحولت إلى ( سلطة) بفتح الأحرف الثلاثة الأولى، وخاصة عند بعض من يمتهنون العمل في المكاتب الصحفية تحت مسمى صحفيين لتسهيل عمل زملائهم ويكونوا بمثابة مفتاح الأبواب التي تغلق في وجههم ولكن ....!!!؟
ما أود الحديث عنه دون إطالة ما يمارسه غالبية مديرو المكاتب الصحفية في بعض الوزارات مع أبناء جلدتهم من الصحفيين، منسلخين عن مهنتهم وممارسين سلطتهم الوهمية بإغلاق ما تبقى من أبواب فتحها الزمن أمام زملائهم ليصبح الحصول على المعلومة كفر والسؤال خيانة والعمل الصحفي اتهام بالمأجورية لمن يخالفهم بالرأي أو من يوجه سطراً واحداً ينتقد فيه أداء الوزارة التي توظفهم أو يسأل سؤالاً لا يعجبهم .
يحصر أصحاب هذه المكاتب وظيفتهم الملقاة على عاتقهم بمراقبة ما يكتبه زملاءهم أو ما يستفسرون عنه لدى مديري هذه الوزارة أو تلك ،وفي حال تجاوزهم الصحفي تصدر التعليمات لأولئك المدراء بعدم الإدلاء بأية معلومة أياً كانت تفاهتها إلا عبر ممر المكتب الصحفي الضيق تحت طائلة المساءلة والعقوبة ، مما يصيب مديري تلك المكاتب بداء العظمة والكبر .
نلاحظ كل فترة تزايد حالات التعقيد والمماطلة وإتباع أسلوب الصحافة المتخلفة بتقديم أسئلة وهيهات أن تأتي الإجابة، وهذا نهج يتبعه الوزراء والمدراء عن عمد لعرقلة عمل الصحفيين وخاصة ممن يوجهون النقد لهم ، وهنا يكون المكتب الصحفي خارج لعبة التأخير ، ولكن أحياناً عندما تتضمن الأسئلة المطروحة أي سؤال خارج إطار المديح وإظهار المفاتن للجهة المقدمة لها يسارع مدير المكتب الصحفي بإلغاء الأسئلة والامتناع عن تقديمها لتلك الجهة بحجة أنها لا تتناسب مع توجيهات الوزير...!!!؟؟
ما دعاني لكتابة هذه الأسطر ما حصل معي قبل فترة مع جهة أصنف شخصياً أنني صديقها - لن اذكر من هي الآن - ورغم أنني لم أوجه لها أي نقد مسبقاً بل اتهمت بمديحها من قبل الزملاء – وأنا لست مداحاً لأحد - ، ولمجرد تقديم أسئلة تعد بديهية ومنطقية في هذه المرحلة ولكن لم تعجب مدير مكتبهم الصحفي الذي اتصل بي بعدها و استشاط غضباً واتهمني بالعمالة وبأنني أسرب معلومات لجهات خارجية بطرق غير مباشرة من أجل 1000 ليرة ثمن المادة في الوسيلة التي أعمل بها، وقدم لي محاضرة بالقيم والوطنية وكأنني باجتماع حزبي ، مما أثار دهشتي واستغرابي واضطرني للاعتذار وإغلاق الهاتف وبعدها هاجمتني موجة عارمة من الضحك والسخط على الواقع الذي وصلت إليه هذه المهنة المقدسة ، وحتى الآن ومنذ شهر لم أتلق الإجابة وأرسلت غيرها فكان مصيرها مثل سابقتها وعندما أسأل عنها يكون الرد بنفسية «لم تأت الإجابات »..؟؟؟
وهذا غيض من فيض ما يحدث للصحفيين في زمن كرم فيه السيد رئيس الجمهورية الإعلام والإعلاميين في غير مناسبة مبدياً إيمانه بدورهم الوطني وحقهم في الحصول على المعلومات،كما نادى فيه رئيس الحكومة منذ توليه مهامه بتسهيل عمل الصحفيين وإعطاء الإعلام دوره الحقيقي ، ربما فُهم كلامه للمدّاحين منهم فقط .. ونداؤه ضاع في فضاء المصالح ،بينما الإعلام يتجه ليصبح للترويج والتلميع فقط ؟؟؟