دمشق- سيريانديز
مجدداً وعلى عينك يا تاجر مياه الشرب المهربة تعود للبيع في الأسواق السورية، والأفظع أنها غير صالحة للاستهلاك البشري، وهذه المرة انتشرت بكميات كبيرة في دكاكين وأكشاك محافظة حمص ليشتريها العامة بعد أن كانت سابقاً محصورة ضمن مولات الخمس نجوم في دمشق، والحجة في دخول المياه عدم وصول العبوات الصغيرة من المياه السورية لأسواق المحافظة، هذه الحجة التي كذّبها مدير عام شركة تعبئة المياه رامز مرعي الذي استرعى غضبه رؤية تلك العبوات المهربة، مؤكداً إنتاج كميات كبيرة من العبوات الصغيرة لكن المشكلة في سوء تسويق المادة بشكل عادل ونظامي محملاً المسؤولية للمؤسسة السورية للتجارة لأنها تقوم باستجرار الكميات التي ترغب بها من دون القيام بدورها الإيجابي، في حين أكدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حمص قيامها بتحليل المياه أكثر من مرة ضمن مخابرها والنتيجة كانت عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري.
تشابه في السعر والطعم
تقول القصة: عبوات صغيرة من المياه اللبنانية باسم «شفا» «انطرشت» في أسواق محافظة حمص لتباع في جميع الدكاكين والأكشاك، بكميات هائلة سواء بالمفرق أو الجملة، بالرغم من وجود قرار خطي يمنع دخول المياه المعبأة إلى سورية تحت أي بند كان، والسبب -بحسب الأقاويل المتداولة- عدم وصول العبوات ذات المقاس الصغير، ليتر ونصف الليتر، إلى محافظة حمص رغم كثرة الطلب عليها، سعرها الذي لا يختلف كثيراً عن سعر مثيلها من العبوات السورية (بقين والفيجة) جعلها متداولة في أيدي العامة الذين انكبوا على شراء طرود كاملة منها وتخزينها للشرب في البيوت.
يقول أبو أحمد: ليس هنالك فرق في الطعم بينها وبين المياه السورية ولا يختلف سعرها عنها إلا بزيادة تقدر بـ25 ليرة، بينما يفكر عابد في شراء طرود كبيرة من المياه وتخزينها للمتاجرة ببيع المياه، فهي كما يؤكد تجارة رابحة وتدر مبالغ هائلة، ولاسيما في ظل الفلتان الأمني في محافظة حمص فلا رقيب ولا حسيب.
لا قلة في الإنتاج
مدير عام شركة تعبئة مياه طرطوس رامز مرعي كان على علم بوجود المياه اللبنانية في الأسواق السورية فقد جاءته معلومات من قبل بعض الوكلاء عن وجودها منذ أسبوع في محافظة حلب وليس في حمص كما قال لنا، لكنه للتو علم بوجودها في محافظة حمص من قبلنا، حيث قام برفع مذكرة إلى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بوجود ذلك التجاوز، وإلى اليوم لاتزال المياه منتشرة في الأسواق مع عدم وجود تحرك بمصادرة تلك الكميات.
وأضاف: قرار رئاسة مجلس الوزراء بمنع استيراد المياه المعبأة وحصر الاستجرار بالشركة العامة لتعبئة المياه واضح وهو ساري المفعول إلى تاريخ 30/6/2018، متسائلاً: لماذا تلك التجاوزات الموجودة في الأسواق على عينك ياتاجر؟ مؤكداً عدم وجود قلة في الإنتاج، فالمادة متوافرة في جميع المحافظات، حيث تقوم سياسة الشركة على إنتاج كمية العبوات بما يتناسب مع حجم الطلب عليها، وحالياً ينتج معملا دريكيش والفيجة عبوات نصف الليتر، مضيفاً: لا أخفيك سراً وجود طلب كبير على المادة لا يتناسب وحجم الإنتاج المحدد بطاقة استيعابية مقدرة بـ 6 آلاف عبوة صغيرة في الساعة بالنسبة لأي معمل وبـ120 ألف عبوة يومياً بالنسبة لمعمل دريكيش، وذلك بسبب عودة بعض المناطق كالدير وحلب للاستهلاك ما زاد الطلب على العبوات، لكن ذلك لا يؤكد صحة التبريرات التي تقول بقلة الإنتاج، وأن المشكلة الأساسية قد تكون في ضعف نشاط الوكيل التابع للمنطقة أو وجود بعض النفوس الضعيفة التي تقوم بإخفاء المياه السورية واحتكارها، محملاً المسؤولية للمؤسسة السورية للتجارة التي لا تقوم –برأيه- بدورها الإيجابي في التدخل ومنع احتكار المادة على الرغم من استجرارها الكميات التي ترغب بها من قبل الشركة العامة لتعبئة المياه.
آخر من يعلم
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، كما العادة، ادعت انها غير مطلعة على الموضوع ، فبعد إرسال شكوى خطية من قبل إحدى الجهات التي لم تصرح عنها الوزارة بوجود تلك المياه في الأسواق السورية، قامت باتخاذ اجراءاتها التي كان أضعفها تحليل المياه للتأكد من صلاحيتها للشرب رغم أنها مهربة بدلاً من مصادرة طرود المياه من أسواق المحافظة!!، ولكن هذا الإجراء كان لابد منه -حسب مصدر في مديرية التجارة الداخلية في حمص- لأن المياه انتشرت كانتشار النار في الهشيم في المحافظة، ولا يمكن مصادرة كامل الكمية مضيفاً: «شو المديرية كبسة زر، شو بدنا نلحق لنلحق.. متابعة الشاورما أم محطات الوقود أم الخبز»، لا يوجد سوى 12 دورية في المحافظة وإذا لم تتعاون معنا الجهات الأخرى فلن تتم مصادرة الكميات الهائلة، مشيراً إلى أن المديرية نظمت منذ الأربعاء الماضي العديد من الضبوط وقامت بمصادرة العديد من الكميات، ولاحقاً ستفكر بإرسالها للجمارك لمتابعة الموضوع.
وأكد المصدر أن المياه اللبنانية المنتشرة في الأسواق غير صالحة للاستهلاك البشري، وذلك بسبب عدم مطابقة التعداد العام للجراثيم، وقد تبين ذلك بعد تحليل كميات منها أكثر من مرة في مخابر المديرية، كما تم إرسال كميات منها للتأكد الى المؤسسة العامة للمياه.
الإدارة تسهل التهريب
قولاً واحداً المياه اللبنانية الحالية تدخل إلى سورية عن طريق معبر غير شرعي، إذا كانت الكميات المهربة منها كبيرة بحسب مصدر في مديرية الجمارك لأن قرار منع استيراد المياه تحت أي بند كان واضحاً، أما إذا كانت الكميات الداخلة إلى الأسواق قليلة، فمن الممكن أن تكون قد دخلت عن طريق الأمانات بشكل مخفي كأن يتم تحميل شاحنة بالكولا ودس بعض علب المياه في الخلف، فالكشاف الذي يكشف يقوم بكشف 10% من البضاعة فقط وأما 90% من البضاعة الأخرى فتكون من مهمة المخلص الجمركي الذي يتم تجريمه في حال التأكد من وجود تجاوز، وهذا التشريع الذي تم إقراره مؤخراً من قبل الإدارة لم يوضع إلا من أجل دس التجاوزات وضمان دخول المواد المهربة بشكل قانوني، مشيراً إلى وجود 16 معبراً غير شرعي في سورية.
وعن الإجراءات المتخذة من الجمارك في حال ضبط مياه مهربة في الأسواق قال المصدر: تتم مصادرة الكميات وتحويلها إلى قواتنا إذا كانت صحية، إضافة إلى تغريم المهرب.
صلاحية البيان الجمركي
مدير اقتصاد دمشق محمد صلوح أكد وجود قرار بمنع استيراد المياه المعبأة منذ عام 2012 ويتم تجديده كل عام، مؤكداً أنه مادامت توجد مادة في السوق من دون إجازة استيراد، فحكماً دخولها يتم تهريباً أو ضمن بند آخر، وفي حال وجود بيان جمركي في مادة ممنوعة من الاستيراد، فهذا يعني أنها تدخل بشكل نظامي ببيان جمركي بتاريخ قديم عندما كان مسموحاً باستيرادها ولاسيما مع عدم وجود فترة انتهاء صلاحية للبيان الجمركي.
وعن العقوبات المتخذة بحق أي مادة مهربة بيّن صلوح أنه في حال وجود أي مادة مهربة في الأسواق فإنه تتم مصادرة الكمية، وإعادتها إلى المصدر، مع فرض غرامة تقدر بزيادة 3 أضعاف قيمة المادة المخالفة.