كوثر علي
بذلت سورية في السنوات الأخيرة جهودا كبيرة لزيادة الصادرات السورية كماً ونوعاً، واعتمدت معظم البرامج الموضوعة لهذه الغاية على الجوانب التّعريفية وبعض الجّوانب التقنية والفنيّة في العمليّة التصديرية، إلا أن سنوات الأزمة أدت إلى تراجع الطاقة الإنتاجية لمعظم المنشآت التّصديرية مما أدى إلى تراجع حجم الصادرات، وكان للأزمة آثار كبيرة على المنشآت الإنتاجية إلى الحد الذي لايمكن معه تلافي هذه الآثار من خلال الجهود والمبادرات الفردية، وحتى الجماعية في إطار الغرف والاتحادات المعنية، فكان لابد من مساهمة حكومية في هذا الإطار عبر خطوة جديَّة تمثّلت في تطوير عمل هيئة تنمية وترويج الصادرات لتصبح هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات وتنتقل من الاهتمام بالشق التصديري إلى الاهتمام بالشق الإنتاجي والتصديري معاً..
وذلك بهدف مساعدة المنتجين على تطوير قدراتهم الإنتاجية لتأمين الكميات المتاحة والمناسبة للتصدير لكي تأخذ سورية حصتها العادلة من سوق التصدير العالمي.
وفي لقاء معه كشف مدير عام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات إيهاب اسمندر عن تحضيرات الهيئة وعملها في سبيل محافظة الصادرات السورية على أسواقها التقليدية، فالخطط التصديرية التي وضعتها الهيئة لها محددات رئيسية أهمها القدرة الإنتاجية والعمل على تطويرها وتقديم الدعم للمنتجين لتتمكن من التصدير إلى الأسواق المستهدفة كأسواق الدول العربية وخاصة العراق, مع ضرورة الاهتمام بأسواق جديدة قدر الإمكان لاسيما روسيا ودول الاتحاد الجمركي والاتحاد السوفييتي سابقاً وإيران, وهناك أسواق واعدة لكنها قد تكون أقل أهمية من الأسواق التي سيتم التركيز عليها.
وعن مهام الهيئة بعد تطويرها وآلية العمل لإنجاز هذه المهام أوضح اسمندر أن من مهام الهيئة تخفيض التكاليف بهدف زيادة القدرة التنافسيّة للمُنتج وهذا الأمر كان معمول به في الشق التصديري عبر تحمل الهيئة جزء من مكونات العملية الإنتاجية، لاسيما ما يتعلق منها بالطاقة والتأمينات وبعض الأمور المتعلقة بالضرائب والرسوم, كما تسعى الهيئة كي يحصل المُنتج على شهادات ضرورية لمنشأته حتى يكون لها دورا في سوق السلع وفق ماهو معمول به عالمياً.
وأكد مدير الهيئة أن عملية إدارة ملف دعم وتنمية الإنتاج ستتم في إطار جماعي حيث ستقدم الهيئة العديد من الفرص للمنتجين لتخفيض الأعباء المترتبة عليهم فيما لو قاموا بهذه الأعمال بمفردهم, سواء كان ذلك بتقديم الخبرات والاستشارات أو بناء علاقات بين المُنتجين والمستهلكين والقيام بالحملات الترويجية والإعلانية للمنتجات السورية مما يخفف الكثير من الأعباء عن كاهل المنتجين والمصدرين, كما يمكن للهيئة أن تجد قنوات للربط بين السياسات الاستثمارية و بين ماهو مطلوب من منتجات في الأسواق المحلية والخارجية, وتقديم الكثير من الدراسات والمعلومات التي يمكن أن تنعكس بشكل أو بآخر على خيارات المنتجين والمصدرين وكل ذلك توفير حقيقي في التكاليف.
وأشار اسمندر إلى دور متوقع للمنظمات الدولية في تقديم المساعدات وسيكون هناك برامج دولية لمساعدة القطاع الإنتاجي في سورية, فوجود جهة حكومية معنية بالقطاع الإنتاجي تسهل بشكل كبير وصول الخدمات التمويلية إلى المحتاجين لها, وباعتبار الهيئة مؤسسة حكومية يمكنها أن تعمل على إدارة المعونات التمويلية للقطاع الإنتاجي والتصديري بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية بهذه المساعدات مما يسهل وصول المساعدات إلى القطاع الإنتاجي وبالتالي ينعكس على الأعباء والتكاليف.
وبين اسمندر أنه تم تشكيل فريق عمل مشترك بين الهيئة وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مهمته القيام بضبط الارتباط بين الهيئتين للاستفادة من الجهود التي تصب في خدمة رسالتي الهيئتين, وتخلق حالة تعاون وجهد مدمج مما يساهم بتحقيق الأهداف بسرعة أكبر وجهود وتكلفة أقل باعتبار أن معظم المشروعات في سورية وفق التعريف الوطني تنتمي لفئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة, وذلك في إطار العمل مع الجهات الحكومية الأخرى والتعاون بينها وبين الهيئة, مضيفاً أن الهيئة ستكون جهة محورية في مجال تطوير القدرات الإنتاجية والتصديرية لسورية وسيتم العمل على ذلك بشكل دائم ومستمر في الفترة المقبلة, وبالتالي وجود أي جهات أخرى تصب في هذا الإطار يعتبر عاملا مكملا ومهما في عمل الهيئة بما لا يتعارض مع النشاطات الخاصة بتلك الجهات.
وعن صعوبات العمل التي تواجه الهيئة قال اسمندر " أي برنامج جديد لابد أن يواجه صعوبات وواجهنا عند إطلاق برنامج دعم الصادرات صعوبات كانت اشد من الصعوبات التي واجهناها عند إطلاق برنامج دعم الإنتاج والتصدير, فالصعوبات جزء طبيعي من سياق أي خطة جديدة على المستوى الوطني، إلا أن الوعي الكبير لدى قطاع الأعمال في سورية وتجربة السنوات الماضية التي بنت الكثير من قنوات الثقة بين هيئة الصادرات والمصدرين والمنتجين، ستساهم بشكل كبير في تذليل العقبات, يضاف إلى ذلك أن معظم برامج الهيئة تعتمد على إشراك الفعاليات الاقتصادية المختلفة والاتحادات والغرف ومختلف ممثلي المنتجين والمصدرين في رسم السياسات المطلوبة مما سيساهم بشكل كبير في خلق وعي مشترك تجاه الأهداف المطلوبة على المستوى الإنتاجي و التصديري.
وأضاف اسمندر أن الهيئة تدعم تنظيم المعارض الداخلية والخارجية، وأول معرض داخلي لهذا العام تشارك في تنظيمه الهيئة معرض " موداتكس" الذي ستنطلق فعالياته في الرابع والعشرين من الشهر الجاري, أما المعارض الخارجية فتقدم الهيئة بعض المساعدات الإدارية كتوجيه الكتب الرسمية إلى الجهات المسؤولة في الدول التي يتم فيها تنظيم المعارض للحصول على ما يمكن الحصول عليه من تسهيلات في أرض المعرض والحجوزات و الحسومات التي يمكن أن تقدم للمشاركين السوريين بما في ذلك تسهيلات الحجز الفندقي والتنقل وتكلفة نقل البضائع وما إلى ذلك, مشيرا إلى أن الهيئة لديها مديرية متخصصة في مجال الترويج ومعلومات كافيه عن الأسس المتعلقة بتنظيم المشاركات السورية في المعارض التي تدخل ضمن إطار خطة الهيئة، والخطة تقر بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية بالترويج والمعارض خارج سورية (كالاتحادات المختلفة والوزارات المهتمة في النشاطات الترويجية الخارجية) وتقر من قبل مجلس الإدارة وفق آلية محددة.
وفيما يخص التشاركية مع القطاع الخاص لفت اسمندر إلى أن الهيئة خطت خطوات في مجال التشاركية مع القطاع الخاص ومعظم نشاطاتها في السنوات السابقة قبل الأزمة استهدفت مؤسسات القطاع الخاص سواء على مستوى الترويج أو الدعم الفني والنشاطات التدريبية و التأهيلية حيث أن أكثر من95 % من الصادرات السورية غير النفطية كانت من القطاع الخاص, كما اعتادت الهيئة على التنسيق والتعاون مع الجهات التي تهتم وتعمل في الشأن الاقتصادي وتنتسب للقطاع الخاص, معتبراً أنه من الجهل استخدام مصطلحات القطاع العام والخاص، فعلى المستوى الوطني هناك اقتصاد وطني وكل من يعمل بهذا الاقتصاد يقدم دوراً مهما ويجب أن يتم العمل بهذا الإطار بروح الفريق سواء كان القطاع عاما أم خاصا أم مشتركا أو أي تسميات أخرى المهم أن يكون هناك الرغبة في تحقيق المصلحة الوطنية.
يذكر أن هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلِّي والصّادرات أُقٍرَّ إحداثها بموجب القانون رقم /3/لعام 2016 لتحل محل هيئة تنمية وترويج الصّادرات، حيث استكملت وزارة الاقتصاد كافة التَّرتيبات للإقلاع بعمل الهيئة من حيث الهياكل والأنظمة والسِّياسات والبرامج, وذلك من خلال تعزيز المقومات الإيجابية للهيئة الأساسية السّابقة ( هيئة تنمية وترويج الصادرات ) وتحقيق الإضافات المطلوبة في الهيئة المُحدثة, للتصدي للمهام الجّديدة و تطوير آليات العمل بهدف توفير السُّبل الممكنة لإحداث نمو في الإنتاج والتّوسع التَّدريجي نحو التصدير.