المهندسة مجد شمس الدين
خطاب القسم للرئيس بشار الأسد لا يزال حدثاً سورياً وعربياً ودولياً تتناوله أقلام الإعلاميين وتعليقات السياسيين، كما لا تزال الأجهزة الديبلوماسية والأمنية للدول الكبرى تعتبره أحد أبرز الأحداث التي تستحق المتابعة.
- الإجماع على اعتبار الخطاب وما سبقه من إشارات رمزية علامات قوة سورية ورئيسها يعنيان أنّ الرسالة قد وصلت، ومضمونها أنّ ثلاث سنوات ونصف السنة من حرب عالمية على سورية لم تشكل مانعاً دون الطابع الاحتفالي المهيب لحفل القسم الدستوري ولا أمام جمع أكثر من ألف شخصية تمثل كلّ شرائح المجتمع السوري في مكان وزمان معلومين من دون إقامة الحساب لما تدّعيه مجموعات التخريب والإرهاب من قدرة على التحرك في دمشق وريفها، بما يجعل إطلاق قذيفة أو أكثر من أيّ مدفع بمدى فعّال ظهر وجوده لدى هذه المجموعات قادراً على إثارة البلبلة والتأثير على صورة الاحتفال، وفشل أي مشاغبة على الاحتفال علامة قوة للدولة السورية وجيشها وأجهزتها الأمنية يتوقف أمامها المعنيون ومعناها عندما تريد الدولة تفعل.
- الدولة السورية القوية ظهرت في الخطاب عندما أعلن الرئيس الأسد بدء الإعمار في نهاية هذا العام، وعندما أعلن مواصلة الحرب بلا هوادة حتى النصر على الإرهاب، لكنها ظهرت بقوة عندما تناول الحكم السعودي باللغة التي تدلّ على إغلاق كلّ باب للعبة المناورات والمساومات والتسويات مع الحكم الذي كان المموّل والمحرّض للحرب على سورية.
- الدولة السورية القوية هي الدولة التي يملك رئيسها شجاعة مخاطبة الدول التي تورّطت في الحرب على بلاده ليقول لها: ستشربون الكأس التي أردتم سقايتها لنا، ولن تكونوا بمنأى عن الآثار المدمّرة التي خططتم أن تنال من سورية، وستكتشفون أخطاءكم ربما بعد فوات الأوان.
- الأهمّ في علامات قوة الدولة السورية يكمن في الجواب على السؤال الرئيسي الذي طرحته الحرب على سورية، وهو ما أصرّ الرئيس الأسد على التركيز عليه بينما كلّ شيء كانت الحرب قد هيّأته كي يتجاهله، فكان ممكناً القول إنّ سورية تتعرّض للحرب لتغيير نظام الحكم فيها، ولا لمشاريع أطماع إقليمية كالعثمانية الجديدة، ولا لاستكمال أكذوبة الربيع العربي بتسليم الأميركيين للمنطقة إلى اليد الإخوانية التي وضعت قدراتها بتصرّفهم، وهذا كله صحيح، وكان يمكن قوله، لكن الرئيس الأسد قال إنّ الحرب تتصل بأمن «إسرائيل» وإخراج سورية من القضية الفلسطينية، وأنّ جوهر كلّ هذه الحرب منذ حرب العراق واحتلاله هو تفتيت المنطقة إلى كيانات تقتتل في ما بينها على أساس طائفي وعرقي واتني خدمة لمصالح «إسرائيل»، وهذا يعني أنّ إفشال الحرب وأهدافها يرتبط بتأكيد سورية أنها تتمسك أكثر من أيّ وقت مضى بالقضية الفلسطينية وتلتزم ببقائها بوصلتها وبقاء المقاومة خيارها.
- لقد كان واضحاً أنّ أهداف التلاعب بموقع حركة حماس وعلاقتها بسورية، خصوصاً من قبل تركيا وقطر وقيادة الإخوان، تتعدّى مجرّد استخدام العنوان الفلسطيني المقاوم للتحريض على سورية التي تعاقَب على موقفها المتمسك بفلسطين والمقاومة، وأبعد من منح الفتنة المذهبية شحنة قوة واندفاع بتظهير قوة مقاومة كحركة حماس تحدّد انحيازها في الصراع حول سورية على أساس مذهبي وليس وفقاً لبوصلة فلسطين والمقاومة، لكن الهدف الأهمّ كان هو أن تتراكم لدى الشعب السوري كمية من الغضب والمشاعر والانفعالات، ما يسهّل القول وفقاً لما يحقق الهدف أنّ سورية معنية بترابها الوطني ولا يهمّها ما يجري في فلسطين، وجاء كلام الرئيس الأسد ليقول إنّ الحرب فشلت لأنّ سورية لن تسمح ولو في سانحة غضب وانفعال بالتخلي عن فلسطين بسبب جحود البعض بتضحيات سورية.