دمشق - سيريانديز
أجرت الزميلة صحيفة الثورة لقاءً مطولاً مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي نشر اليوم. الحلقي وكما اعتدنا عليه تحدث بشفافية ووضع المواطن بصورة ما تقوم به الحكومة على أكثر من محور، فجاء اللقاء شاملاً للعديد من النقاط التي ركزت في محتواها على الكثير من المواضيع والجوانب التنموية وقضايا أخرى متنوعة تهم المواطن وفي مقدمتها مسألة الدعم، وكيف أن الحكومة تعمل على إيصاله لمستحقيه، وتواجه التحديات من أجل تحقيق ما يتطلع إلى المواطنون جنباً إلى جنب مع إنجازات الجيش العربي السوري في مواجهته للإرهاب وأدواته.
وفي اللقاء أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي أن تعزيز صمود الجيش العربي السوري يشكل أولوية الحكومة في المرحلة الراهنة للتصدي للاعتداءات الإرهابية التي يتعرض لها الوطن مشيرا إلى أن العدالة الاجتماعية تشكل أحد أبرز الأهداف التي تسعى الحكومة لتحقيقها في جميع الظروف.
وأوضح الدكتور الحلقي أن السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة تقوم على إيصال الدعم لمستحقيه وتطوير المنظومة الضريبية بما يحقق عدالة ضريبية أفضل وتعزيز تكافؤ الفرص في العمل ورعاية الفئات الأكثر تضررا في المجتمع وذوي الشهداء.
وفيما يلي نص المقابلة..
أسس لقاء اللجنة السورية الروسية الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني الذي عقد في مدينة سوتشي الروسية 24 الجاري لجملة من الخطوات والتي تدعم الاقتصاد السوري.. ماذا عن الجانب الجمركي بين البلدين؟
توصلت اللجنة المشتركة إلى تخفيض البند الجمركي للسلع المتبادلة بين الطرفين ووصلت قيمة الاعفاء الجمركي إلى 25٪ وهي نسبة مقبولة وتساعد على انسياب السلع بين البلدين وتشجيع الصادرات السورية والمستوردات الروسية ويعتبر هذا الاعفاء مقبولاً لأن سورية لم تنضم بعد إلى الاتفاقية الاوراسية حيث هناك اتفاقية تعاون تضم روسيا وبلاروسيا وكازاخستان.
وتعمل الحكومة السورية على استكمال إجراءات الانضمام للاتفاقية والتي تحتاج إلى موافقة الجهات الرسمية والبرلمانات وسبق أن تم طرح الموضوع للمرة الأولى مع بيلاروسيا منذ عامين وخلال لقائي مع السفير البيلاروسي الأسبوع الماضي تم التأكيد على المضي قدماً في إنجاز انضمام سورية لاتفاقية التعاون.
كما يتضمن جدول أعمال اللجنة الوزارية العليا السورية البيلاروسية الذي من المقرر أن يعقد في كانون الثاني القادم جملة من قضايا التعاون المتبادل ومن بين البنود المقرر متابعتها دخول سورية إلى اتفاقية التجارة الحرة.
طالما أتينا على الاعفاءات الجمركية.. هل لكم أن تقدموا إضاءة حول الممر الأخضر بين سورية وروسيا
يعتبر الممر الأخضر اعتماد مسار مائي يسهل تدفق السلع الزراعية بين بلدين وهذا ماتم الاتفاق عليه مع الجانب الروسي لربط مرفأ اللاذقية مع مرفأ نوفورسيك الروسي ولدى مخاطبة وزارة الزراعة واتحاد الغرف الزراعية لدينا جاءت الاستجابة سريعة وتم تحديد الكميات الأولية وجاءت بالنسبة للحمضيات 50 ألف طن والتفاح 30 ألف طن أما بالنسبة للزيتون فتم الاتفاق المبدئي على تصدير 10 آلاف طن من زيت الزيتون في حال وجود فائض في الإنتاج المحلي يسمح بالتصدير.
في سياق تعزيز التبادل السلعي والخدمي بين البلدين وكذلك الأمر مع الأصدقاء في إيران.. نسأل إلى أين وصلت خطوات اعتماد خط ائتمان مع الجانب الروسي وتجديد خطي الائتمان مع إيران؟
بداية يقصد بالخط الائتماني قيام البلد الموقع معه الاتفاق بتأمين سلع تموينية وصحية وخدمية وانشائية وتسجيل التكاليف المالية لتلك السلع ديناً يتم تسديده لاحقاً أما فيما يخص خط الائتمان مع روسيا فمن المتوقع أن يتم ذلك قريباً حيث تم الاتفاق على الجوانب الفنية لاطلاق الخط بين البلدين.
وعن خطي الائتمان مع إيران فهناك إجراءات تحضيرية يتم استكمالها لتجديد الخطين ومن المأمول التوقيع على التجديد في الزيارة القادمة للاشقاء في ايران ويقضي الخط الأول على تأمين حاجة السوق المحلية من السلع التموينية والصحية والتجهيزات الكهربائية ومعدات الموارد المائية واحتياجات باقي القطاعات الخدمية، أما الخط الثاني فينص على تأمين نفط خام والخطوط الائتمانية الثلاثة تأتي في اطار تأمين صمود الجيش العربي السوري وتعزيز الجبهة الداخلية للبلاد وتخفيف الأعباء الناتجة عن الحصار الأحادي وغير الشرعي من قبل أميركا ودول أوروبا ومن يدور في فلكهم وتخريب أدواتهم من المجموعات الارهابية.
ترك قرار رفع سعر ليتر مادة المازوت المنزلي من 60إلى 80 ليرة وتوقيت القرار تداعيات سلبية لدى الأخوة المواطنين حيث أثقل جنون الأسعار الأعباء المتراكمة عليهم… فما هي مبرراتكم؟
كامل مخرجات زيادة أسعار مادة المازوت ستسخر للدعم الاجتماعي من تعليم وصحة وضمان اجتماعي واحتياجات خدمية والدولة مصممة على استمرار تأمين الخدمة التعليمية لمراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي والخدمة الصحية مجانية والإبقاء على دعم قطاعات الكهرباء ومياه الشرب والري الزراعي ورغيف الخبز وباقي القطاعات التي تتلقى الدعم وذلك في إطار الإمكانات المتاحة. فمتوسط تكلفة تعليم الطالب السنوية في التعليم الأساسي والثانوي 32 ألف ليرة سورية ومتوسط تعليم الطالب في الجامعات الحكومية في المحافظات المختلفة 48 ألف ليرة فيما تصل تكلفة الخدمة الصحية وسطياً للفرد في المجتمع السوري إلى 5800 ليرة سورية وهذا ما ينسحب على قطاعات عديدة تشمل قطاعات الكهرباء والمياه والثقافة وتعزيز النظم الأخلاقية وتحصين المجتمع.
اعتماد البطاقة الذكية قرار لا عودة عنه هدفه إغلاق منافذ الهدر والفساد
لنبقى في إطار مادتي المازوت والبنزين لزوم مركبات الجهات الحكومية فقد رافق اعتماد البطاقة الذكية معوقات أبرزها عدم التوزع الجغرافي المقبول لمحطات التعبئة فهناك أحياناً مسافة مابين أقرب محطتين يصل إلى 70كم فهل هناك مدة زمنية لتجاوز الخلل؟
بداية.. اعتماد البطاقة الذكية لتأمين مادة المازوت والبنزين للسيارات الحكومية قرار لاعودة عنه بل هو قرار يأتي ضمن حزمة من القرارات والإجراءات والخطوات التي ستقوم الحكومة باعتمادها تباعاً بعد انضاجها لتصب جميعها في إغلاق منافذ الهدر والفساد الموجودة في القطاعات كافة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن وفورات تطبيق القرار الذي مازال محدوداً لجهة المؤسسات التي أخذت تطبقه بلغت خلال شهر من مادة البنزين 190 ألف ليتر ومن مادة المازوت 150 ألف ليتر.
وعن توزع المحطات التي أقلعت في التعامل مع البطاقة الذكية ففي دمشق 7 محطات عادية و3 محطات للاستهلاك الذاتي ومحطة في ريف دمشق و3 محطات في طرطوس ومحطتان في اللاذقية ومثلهما في حمص وواحدة في السويداء وأخرى في حماة ليصل بذلك المجموع الكلي إلى 20 محطة وهناك 7 محطات ستدخل الخدمة خلال ثلاثة أسابيع فيما سيصل عدد المحطات الموضوعة في الخدمة مع نهاية العام الحالي أي خلال شهرين 39 محطة وتتوزع على محافظة دمشق بواقع 14 محطة وريف دمشق 4 محطات واللاذقية 5 محطات ونفس العدد في طرطوس و4 محطات في حمص و3 محطات في حماة و4 محطات في السويداء.
مع تراجع الموارد التقليدية في دعم الخزينة العامة للدولة.. ما البدائل التي يتم العمل عليها لتعزيز الموارد غير التقليدية خلال العام القادم؟
أدت سنوات الحرب الأربع التي مرت على البلاد الى تراجع مساهمة الموارد التقليدية بدعم الموازنة العامة للدولة وخاصة لجهة قطاعي النفط والسياحة وإلى حد ما في القطاع الصناعي وقد أخذت العجلة الصناعية بالإقلاع وانتاج السلع الوطنية التي أخذت طريقها للأسواق الخارجية مثل السلع النسيجية والغذائية ويضاف لها بعض صادرات الخضار والفواكه ما يدعم الخزينة العامة بالقطع الأجنبي والليرة السورية.
ومع تواضع الواردات مقارنة بما وصلت إليه في عام 2010 إلا أنها تبقى مقبولة وبالمقابل تعمل الحكومة على استكمال صدور حزمة من الإجراءات الاقتصادية لتأمين مزيد من الموارد ومن تلك الخطوات مشروع قانون التعرفة الجمركية وهو في طريقه إلى مجلس الشعب فيما سيعرض رسم الانفاق الاستهلاكي على مجلس الوزراء الثلاثاء القادم والذي سبق أن تم دراسته من اللجان الفنية والحكومة جادة في تطبيق مشروع الفوترة بداية العام القادم وستتكامل المشاريع الثلاثة آنفة الذكر مع مشروع العدالة الضريبية لبعض المهن إضافة للبيوع في قطاع العقارات فلا يعقل أن تبقى الرسوم متواضعة كما هو قائم حالياً.
وحول مشروع العدالة الضريبية تم دراسته بشكل مبدئي ورد من مجلس الشعب وسنتابع تدقيقه لاستكمال أسباب صدوره.
ملفات عديدة ضاغطة على الحكومة القسم الأكبر منها عاجل ولا يحتمل التأجيل ولكن ماذا عن القطاعات التي تحظى بالأولوية؟
بالتأكيد هناك قضايا عاجلة تحتاج إلى معالجة فورية واتخاذ قرارات آنية مهما كانت التبعات المادية، فالاعتداء على أحد الأبراج أو تعطيل محطة تحويل والتسبب بقطع التيار عن منطقة معينة يتم تلافي الضرر خلال ساعات معدودة وحتى بعض القرارات الإسعافية لمعالجة حالة طارئة يتم إعداد مشروع القرار خلال يوم أو اثنين ليعرض المشروع بعد استكمال الدراسة في أول جلسة لمجلس الشعب لاتخاذ القرار المناسب.
أما عن أولويات الحكومة فهي توجيه الدعم لاستمرار الإنتاج في القطاع الزراعي وتأمين تحسين وتائر الإنتاج في القطاع الصناعي وفيما يتعلق بدعم القطاع الزراعي فهو مزدوج فإضافة لدعم مستلزمات الإنتاج يتم شراء البذار من الفلاح في الحقوق المختارة من قبل المؤسسة العامة لإكثار البذار بمبلغ 45 ليرة سورية وتقوم المؤسسة بعملية التعقيم والغربلة والتعبئة والتخزين بشروط صحية ونقلها إلى الفروع والمصارف الزراعية لتوزيعها على الفلاح وبسعر 34 ليرة سورية وتصل كلفة ري الهكتار نحو 10.000 ليرة فيما يدفع الفلاح فقط 3500 ليرة.
والدعم في المستلزمات ينسحب على الطاقة الكهربائية وتطوير البحث الزراعي عبر استنباط الأصناف والسلالات الواعدة ذات الإنتاجية العالية وتأمين وصولها إلى الحقل عبر جهاز الإرشاد الزراعي.
كما يتم دعم مخرجات الإنتاج عبر استلام المحاصيل الاستراتيجية بأسعار تشجيعية وصلت للقمح إلى 45 ليرة لكل كغ و110 للقطن و8.5 ليرات للشوندر و33 ليرة للشعير.
ووصلت الإعفاءات – التي ترتبت على المرسوم 11 لعام 2014 الخاص بجدولة الديون البالغة 70 مليار ليرة وهي عبارة عن قروض – إلى 14.6 مليار ليرة وهنا تم قرن التمويل الزراعي لتنفيذ الخطة بالتزام الفلاح بتسديد 5٪ من المستحقات للمصرف الزراعي عن الديون وأن يتثبت إمكانية زراعة الحيازة التي يملكها الفلاح.
حظي قطاع الصناعة الدوائية باهتمامكم الشخصي وكذلك القطاع الصحي بشكل عام ماذا عن واقعه الراهن؟
تعطيل الإرهاب للقطاع الدوائي مؤقت فالقسم الأكبر من المستثمرين في الصناعة الدوائية أناس وطنيون وجزء ممن تم تعطيل معاملهم بدؤوا بالعودة للإنتاج مع تحسن الظروف الأمنية وقسم منهم شرع بتأمين الموافقات المطلوبة للإقلاع في المنطقة الساحلية وكان قبل الأزمة هناك 71 معملاً منها اثنان للدولة أخرج الإرهاب 20 معملاً من العجلة الإنتاجية بسبب التضرر الجزئي أو الكلي.
ونتيجة الاستهداف الممنهج لقطاع الصناعة الدوائية تراجعت نسبة التغطية المحلية للدواء من 93٪ عام 2010 إلى 89٪ خلال المرحلة الراهنة ويتم تأمين النقص من الدول الصديقة وعلى رأسها إيران وكوبا وروسيا ولعل القرار الأهم الذي أعطى نتائج إيجابية السماح لأكثر من معمل بإنتاج الصنف الدوائي الواحد ما أمن أكثر من بديل في حال توقف خط إنتاج أو أكثر بفعل الاستهداف الإرهابي.
وتسببت الاعتداءات الإرهابية بتعطيل جزئي أو كلي لـ «34 مشفى و 600 مركز صحي كما كان الاستهداف كبيراً على منظومة الإسعاف ووصل عدد سيارات الإسعاف المدمرة والمعطلة إلى 400 سيارة إسعاف إضافة لعدد من الشهداء والجرحى والمفقودين من الأطباء والممرضين والفنيين.
وترافق الاستهداف الإرهابي للقطاع الصحي بتراجع عدد الأطباء والكوادر الصحية المختلفة وكل ذلك أثر سلباً على المشعرات الصحية والتي بالإجمال مازالت مقبولةمقارنة بواقع حال البلاد.
وتعمل الحكومة رغم ما تقدم على تقديم كامل الخدمة الإسعافية والجزء الأكبر من الخدمة الصحية الباردة مجانية في الهيئات العامة للمشافي فيما كامل الخدمة المتاحة لجميع الشرائح في المراكز الصحية والمشافي العادية تقدم مجانية وتشمل التشخيص والعمل الجراحي والعلاج ومستلزمات تأمين الشفاء الكامل.
نحن في أزمة وحالة حرب لا مثيل لها… فما أولويات الحكومة التي تعمل على تحقيقها في المدى المنظور؟
تضمن البيان الوزاري أولويات عمل الحكومة، ابتداءً من مكافحة الإرهاب، وإعادة الأمن والأمان، وتعزيز المصالحة الوطنية وتحسين الواقع المعيشي للمواطن، وتطوير وتعزيز الإنتاج الوطني، وإيلاء الاهتمام اللازم لملف الإغاثة والإيواء والاهتمام بذوي الشهداء والجرحى، والإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والإصلاح القضائي والتهيئة لعملية إعادة الإعمار وتعزيز التعاون الدولي مع الدول الصديقة والأسواق الناشئة وتعزيز دور المجتمع الأهلي والمنظمات الحكومية في المجالات كافة.
ولتنفيذ الأولويات لا بدَّ من معالجة التَّحديات التي تواجه الحكومة السورية والتي فرضتها الأزمة في الداخل السوري « تدمير المصانع وسرقتها، نهب الثروات النفطية، إخراج الكثير من المناطق الزراعية من الخدمة، ولاسيما في المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية والتي كانت تشكل سلة غذاء المواطن السوري» والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على تعاملات التبادل الخارجي المالي والسلعي وبالتالي تقليص المصادر الخارجية لتأمين المستوردات من المستلزمات الأساسية «غذائية – طبية – دعم العملية الإنتاجية».
في هذه الظروف، انصبَّ جهد الحكومة على منحيين اثنين:
- الأول: محاولة بعث ودعم بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية ضمن المناطق الآمنة لتوفير موارد محلية تعزز زيادة المعروض من السلع والخدمات في السوق المحلية، وهذا ما أفرز ما بات يعرف بـ «بواكير التعافي».
- الثاني: توطيد علاقات التعاون مع الأصدقاء بهدف تأمين انسياب السلع والخدمات الضرورية لتلبية احتياجات السوق السورية.
وبتسليط الضوء على أهم المواضيع التي ستعمل الحكومة عليها ضمن هذه الأولويات سيتم الاستمرار بتوفير الخدمات الأساسية من الكهرباء والماء والنقل والمواصلات والصحة والتعليم وتعزيز العدالة الاجتماعية.
إن القطاع الاقتصادي والإنتاجي يمثِّل الركيزة الأساسية التي تستند إليها عملية إعادة بناء الدولة، إذ يجب استغلال الموارد المتاحة كافة وتسخيرها وفق منهجية مدروسة، وإعادة إطلاق العملية التنموية في المجالات الرئيسة وخاصة في قطاعي الزراعة والصناعة، حيث سيتم العمل في قطاع الزراعة على تعزيز قدرات الإنتاج والمنتجين في هذا القطاع كونه القطاع الأهم في الأمن الوطني لما يحققه من أمن غذائي، وذلك من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج وتطوير سياسة دعم الإنتاج الزراعي واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الإنتاج والمحاصيل الوطنية والتوسع بها بما يضمن تلبية احتياجات السوق المحلية ومن ثم تصدير الفائض، كما ستعمل الحكومة على تبني سياسة واضحة في المجال الصناعي لتعزيز وحماية الصناعات السورية الصغيرة منها والمتوسطة من خلال توفير بيئة عملها وخاصة تطوير وتشبيك العناقيد الصناعية وتعميمها كثقافة في المجالات الإنتاجية الزراعية والصناعية لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعدُّ ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية وسيتم التركيز على تعزيز القطاع العام والخاص لترميم القدرات الوطنية التصنيعية وخاصة صناعة النسيج والأقمشة والملابس والصناعات الغذائية والأدوية والقوالب والصناعات الهندسية وصناعة المواد الأساسية ومواد البناء وغيرها حيث ستعطي الحكومة اهتماماً متزايداً للصناعات التصديرية بصفتها الحامل الرئيس للاقتصاد الوطني والرافد الرئيس للقطع الأجنبي، وبما يساهم في تعزيز مناعة وصمود الاقتصاد السوري وتعزيز مقومات تكيفه مع الأزمة من جهة، وتعزيز إيرادات الحكومة لضمان استمرار تقديم الخدمات العامة والتوسع بها كماً ونوعاً.
تحدثتم في البيان الحكومي عن ضرورات العمل بروح الفريق الواحد وكذلك عن إرساء قواعد العدالة الاجتماعية، وعن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وعن الانضباط والالتزام بأصول العمل المؤسساتي بشفافية ومصداقية وواقعية.
السيد رئيس الحكومة: هل نحن قادرون على بلوغ ذلك اليوم، في حين لم نتمكن منه ونحن نعيش أحوال الرخاء والاسترخاء والرغد والاستقرار والأمن والسلام؟
بداية لابدّ من القول إنه لا مستحيل أمام الإرادة والتصميم… وإن كانت المهمة أصعب اليوم إلا أنه يجب علينا ألّا نيأس من تحقيقها… خصوصاً في ظل ما تعانيه البلاد… الأمر الذي يجعلنا أحوج من ذي قبل لتحقيق هذه الأهداف.
وفي إطار العمل على تجاوز الأزمة فلا بدَّ من وضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية للتكاتف والعمل المشترك لتجاوز هذه الأزمة والنهوض بالبلد وتحسين الوضع المستقبلي، ما يتطلب تضافر الجهود وسيادة القانون والإحساس بالمسؤولية وهو حاجة كانت ملحّة وأصبحت حالياً أكثر إلحاحاً وأدرك الجميع هذا الأمر من خلال التلمس الفعلي والواقعي لسلبيات الابتعاد عن ذلك في المرحلة السابقة.
وقد سعت الحكومة وبدأب لإيلاء العمل بروح الفريق الواحد أهمية كبيرة، وقد أعطته الأولوية خصوصاً في ظل الأزمة التي تمرُّ فيها البلاد، ولا يقتصر ذلك على التنسيق والتعاون مع كافة وزارات الدولة، بل يتعدى الأمر ذلك ليشمل التنسيق والتكامل بين سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. فضلاً عن المساهمة في إعداد مشاريع القوانين المقترحة من قبل الوزارات الأخرى والحرص على إصدارها بالشكل المناسب وبما ينسجم مع مبدأ دستورية القوانين وسلامتها القانونية. بالإضافة إلى التنسيق مع اللجان المعنية في مجلس الشعب «لجنة الشكاوى والعرائض، لجنة حقوق الإنسان، اللجنة الدستورية والقانونية، لجنة المصالحة الوطنية… إلخ» بشكل دوري والاستماع منها بشكل مباشر إلى كل القضايا ذات الصلة.
إن العدالة الاجتماعية هدف نسعى لتحقيقه في جميع الظروف وسياستنا الاقتصادية والاجتماعية وضعت هدفاً لها وهو تعزيز مقوماتها على المستوى الكلي من خلال العمل على إيصال الدعم لمستحقيه وتطوير المنظومة الضريبية بما يحقق عدالة ضريبية أفضل وتعزيز تكافؤ الفرص في العمل ورعاية الفئات الأكثر ضرراً في المجتمع وذوي الشهداء، وهذا محور أساسي في سياستنا الحكومية وتبرز أهميته بصورة ملحّة خلال الأزمة، ونعمل بكل جددٍ على تحقيق خطوات مهمة في هذا الاتجاه الذي نعتبره توجهاً حتمياً وضرورياً خلال الأزمة وما بعدها .
هناك من يقول إن الحكومة تظهر عجزاً عن أداء أدوار هي أهم لكنها أقل بكثير مما تطرح في برنامجها، فما مستويات الطموح التي تتطلع الحكومة لبلوغها في هذه المجالات؟
أفرزت الأزمة الحالية العديد من التداعيات التي تتطلب منا العمل بمرونة وبسلاسة كما تتطلب إعادة ترتيب أولوياتنا بما يتناسب مع الواقع الجديد بالنسبة للقطاعات الرئيسة وتمَّ تحديد توجهاتها المستقبلية وأهمها:
- في المجال الزراعي: تطوير الهيكل المؤسساتي والتشريعي، الاستخدام المستدام للموارد وإعادة تأهيلها وتطويرها والتوسع فيها، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي وتطوير الإنتاج الزراعي بشقية النباتي والحيواني، وتطوير المؤسسات الإنتاجية الحكومية، وتحسين مستوى معيشة المزارعين وسكان الريف.
- في المجال الصناعي: وضع وتنفيذ برامج عمل تهدف إلى المعالجة الفورية للسلبيات التي خلفتها الأزمة من خلال المعالجة الفورية وضمن الإمكانيات المتاحة للأضرار الجزئية التي أصابت شركاتها التابعة وإعادتها للعمل والإنتاج بالاعتماد على مواردها أو من خلال التشغيل للغير لتأمين النفقات الثابتة، بالإضافة لوضع خطة عمل استراتيجية متوسطة المدى تهدف لتوفير مستلزمات إعادة تأهيل القطاع الصناعي العام والخاص على حد سواء ويمهد لإعادة الدور الرائد لهذا القطاع في مرحلة التعافي، ومتابعة التعاون مع الصناعيين والعمل المشترك معهم لتوفير الحلول الممكنة من أجل إعادة تشغيل منشآتهم وتوفير التسهيلات المطلوبة بما يمكّن من إعادة انطلاق القطاع العام الصناعي لأداء دوره المطلوب للمرحلة المقبلة، والعمل على توفير مرتكزات دعم القطاع الصناعي وتوفير مجالات التنافسية لمنتجاته سواء في الأسواق المحلية أو التصديرية.
- في مجال التنمية البشرية والاقتصادية: استئناف عملية التنمية في مناطق محددة قبل أخرى وكذلك في نشاطات صناعية وإنتاجية قبل أخرى بما يعزز اللامركزية في التنمية، ووضع منظومة متكاملة لتحقيق التنافس الاقتصادي بين المحافظات وتطوير منظومة /إدارية وسياساتية/ وتعزيز قدرة المحافظات على جذب الاستثمارات وخلق الإيرادات.
- في مجال تلبية احتياجات المواطنين: يتم العمل على تعزيز اللامركزية الإدارية الكاملة في الإجراءات والاستجابات والخطط رغم فرض الأزمة التأخر في تطبيق توجهات قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي 107 لعام 2011 «والقاضية بضرورة تعزيز اللامركزية ونقل جزء كبير من الاختصاصات والمهام المركزية إلى الوحدات الإدارية»، وتقديم الخدمات للمواطنين بفعالية وتأثير أكبر مع تحقيق شرط الاستدامة والتركيز على المناطق والمحافظات الأشد احتياجاً والأكثر تضرراً خلال الأزمة الراهنة، وتبسيط الإجراءات لتأمين الخدمات للمواطنين بما يوفر الجهد والوقت والمال وصيانة الملكية والحفاظ عليها والتَّوسع بإحداث مراكز خدمة المواطن وزيادة عدد الخدمات المقدمة فيها وأتمتة الصحيفة العقارية بما يؤدي إلى صيانة الملكية والحفاظ عليها لما لذلك من تأثير إيجابي في طمأنة المواطن على الحرص على عدم ضياع الحقوق والملكيات العقارية في القطر.
ألا تعتقدون أن عبارة التكيف مع الأزمة وآثارها والدعوة إلى مسألة التكيف بحد ذاتها هي عبارة محبطة للناس وتنبئهم بطول الأزمة وامتدادها وربما بقسوة لا ينتظرها أحد؟
لقد أشرنا في البيان الحكومي أن مقاربة الحكومة للعمل في المرحلة القادمة هي التحول من إدارة الأزمة إلى التكيف مع الأزمة وآثارها، إلا أن استكمال هذه الجملة يدل على مضمونها فالهدف من هذه المقاربة هو تحديد اتجاه واضح للحكومة بما يتماشى مع الواقع من إمكانيات وأولويات، ويما يتواءم مع الواقع الاقتصادي والمعيشي والخدماتي ومؤشراته لتنطلق عملية التعافي باتجاه التهيئة لإعادة الإعمار والتعامل مع المظاهر التي ولَّدتها الأزمة والتي تتطلب على المدى المتوسط التكيف معها بهدف تذليل آثارها السلبية والاستفادة من الفرص التي ولدتها الأزمة عبر أحداث تغييرات مهمة للبيئة الاقتصادية والتشريعية بما فيه تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.
ما عوامل القوة التي تستند إليها الحكومة، وهل هناك من وعود يمكن لرئيس الحكومة أن يطلقها فيطمئن الناس إلى انفراجات قادمة ولاسيما في المجالين الاقتصادي والخدمي؟
يتميز الاقتصاد السوري بالعديد من نقاط القوة، كونه اقتصاداً شاملاً وقوياً وفي كافة المجالات الاقتصادية والخدمية، وتتجلى هذه العوامل في صلابة البنية الإنتاجية وصلابة المؤسسة العسكرية وجيشها الباسل وصمودها رغم كل التحديات التي أفرزتها الأزمة وإصرار الشعب السوري بكل مكوناته الاجتماعية على تجاوز الأزمة وصلابة قيادته الحكيمة ونظرتها الاستراتيجية برئاسة السيد الرئيس بشار الأسد.
ومن أهم نقاط قوة القطاعات الأساسية:
بالنسبة للقطاع الزراعي: تنوع البيئات الزراعية للقطاع الزراعي ما يساهم في إمكانية إنتاج العديد من الحاصلات الزراعية وتربية الحيوان بما يلبي الحاجة للغذاء والمتطلبات الأخرى «تصنيع – تصدير»، والاهتمام الكبير بالقطاع الزراعي وإعطاؤه الأولوية بين القطاعات الإنتاجية الأخرى، وتوفر الكوادر الفنية المدربة التي تعمل في هذا القطاع سواء من الإخوة الفلاحين أو من العاملين الفنيين الذين يعملون على تطوير هذا القطاع من باحثين ومرشدين وفنيين يقدمون الخدمات اللازمة للإخوة الفلاحين.
وبالنسبة للقطاع الصناعي: توفر البنية المؤسساتية لمؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية واستمرارها بالعمل، ويمكن الإشارة إلى ظهور مؤشرات انفراج للأزمة ما يعني عودة اندماج الشركات والمؤسسات الإنتاجية والخدمية في الدورة الاقتصادية. ورغم كل هذه الظروف تمَّ خلال الربع الثالث من هذا العام، تأسيس وتنفيذ /115/ منشأة صناعية وحرفية في المحافظات السورية كافة برأسمال وقدره /51/ مليار ليرة سورية، وتم تقديم التسهيلات اللازمة كافة لتشغيلها وتوفير المنتجات المحلية بالأسواق بدلاً من الاستيراد وبالتالي توفير القطع الأجنبي، والاستعانة بالأصدقاء من أجل تنفيذ المشروعات التنموية .
وفي المجال الخدمي: يتم العمل على إعادة تأهيل البنى التحتية والخدمية في المناطق المتضررة نتيجة الأزمة والتي أعيد إليها الأمن والاستقرار، وتنفيذ المشاريع المدرجة في الخطة الإسعافية للوزارات لعامي 2014-2015 « الكهرباء – الاتصالات – الموارد المائية – الزراعة – الصحة – التربية – التعليم العالي » وفق مبدأ الأولويات والإمكانيات المتاحة، والاستمرار ببناء الوحدات السكنية المؤقتة في المدينة الصناعية «عدرا – حسياء» والحرجلة ومحافظتي درعا وحلب لاحقاً، ودعم أسطول شركات النقل الداخلي في المحافظات الأربع «دمشق – حمص – حلب – اللاذقية» بما يلبي احتياجاتها المستقبلية في ضوء الاكتظاظ السكاني وزيادة الطلب على خدمة النقل وضمان حسن سير مرفق النقل العام الذي شكلت الشركات العامة للنقل الداخلي صمام الأمان لعمله وتوفير مستلزمات عملها.
توفير مقومات التعافي، إعادة الإعمار والتنمية، المواطن هو بوصلة العمل والربط بين الأهداف الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، هي توجهات رسمية وأساسية في سياسات الحكومة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
السيد رئيس الحكومة.. تحقيق هذه الأهداف يحتاج عملاً منظماً دؤوباً وتكاملياً، هل نحن على السكة الصحيحة، وهل تتمتع مؤسساتنا العامة والخاصة بأهلية التنظيم والتكامل والمتابعة والتقييم بما يجعل تحقيق هذه الأهداف أمراً واقعياً، لا حلماً؟
إنّ تحقيق الأهداف النابعة من أولويات التوجه الحكومي الوطني الراهن المنصب على تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن، والاستجابة لمقتضيات تأدية الخدمات العامة في ظل الظروف الراهنة، يستلزم التأسيس للدور الحكومي المستقبلي في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، والعمل على بلورة إدارة موحدة من شأنها تنسيق وزج جميع الجهود الرسمية والخاصة والمجتمعية في عملية التعافي وإعادة الإعمار. فقد كان لتشكيل لجنة إعادة الإعمار دور كبير في خلق منصة تنسيق حكومي مركزي- محلي جديدة، يتم من خلالها تداول الخيارات ورصد المواقع ذات الأولوية والاستجابة للاحتياجات الطارئة بالمرونة والسرعة اللازمة وبتنسيق عابر للقطاعات.
وقد كان لتوسيع قاعدة القرار لكافة الوزارات الخدمية المشاركة في اللجنة دور في ترشيد الاستثمارات وتوجيهها بكفاءة أعلى.
وفي هذا الإطار تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لتنمية المجتمعات المحلية، حيث تمَّ الانتهاء من إعداد خارطة توضح المراكز والوحدات التي لا تزال في الخدمة، وهذه المراكز هي مراكز إنعاش الريف التي يُعاد وضع خطة لإعادة تفعيلها بما يخدم تنمية المجتمعات المحلية برؤية متطورة تستند إلى الاستثمار الأفضل للموارد الطبيعية والبشرية والاجتماعية والاقتصادية بحيث تخدم مشروع التنمية الشعاعية التي تستهدف الريف السوري بما يحقق تنميته من نواحي عدة، وهناك وحدات الصناعات الريفية ووحدات السجاد اليدوية التي يُعاد النظر في المراسيم الناظمة لعملها وإمكانية تطويرها بحيث تلائم تطور الحياة في الريف وتستهدف هذه المشاريع 60 % من السكان المحليين بالإضافة إلى 40 % من الأسر المهجرة.
وتقوم اللجنة العليا للإغاثة بالتحضير لخطة الاستجابة 2015 والتي ستنطلق من مفهوم «الرعاية – الحماية – التمكين – التنمية» لتكون الأولوية التي ستتم مناقشتها مع منظمات الأمم المتحدة.
إن تحقيق الأهداف التي أبرزناها في عملنا الحكومي يحتاج إلى عمل وزمن وهو ما يتم العمل عليه، ونحن واثقون أننا على سكة الأداء الصحيحة في الترميم والتطوير والتنمية، وهذا واضح في تكامل العمل الحكومي على المستوى المركزي والمحلي وعلى المستوى القطاعي وعلى مستوى آلية اتخاذ القرار التي جاءت مع الأزمة وتجاوبت مع متطلبات التكيف مع الأزمة والتعامل مع آثارها. ونسعى كذلك إلى توثيق العلاقات مع الأصدقاء والاستفادة من تجارب الدول الأخرى للانطلاق بالعمليات التنموية وإعادة الإعمار، وبما يحقق خدمة المجتمع وتطوره.
هل من رؤية محددة واضحة لدى الحكومة في موضوع الإصلاح الإداري وبالتالي هل الآليات والرؤى واضحة في موضوع مكافحة الفساد؟
مما لاشكّ فيه أن دعوات الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد ليست حديثة العهد، وإنما هي قديمة قدم الحكومات المتعاقبة والإدارات القائمة على العمل الإداري في الدولة، ولكن ما نؤكد عليه أن الإصلاح الإداري الذي ينبغي الوصول إليه هو الإصلاح المتمثل في طبيعة الدور الجديد للدولة المتمثل في إيصال الخدمات العامة للجميع، وهذا ليس من خلال الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة فقط، وإنما من خلال قطاع الأعمال والنقابات والجمعيات التعاونية والمؤسسات ذات الاستقلال المادي والإداري. وكذلك فإن الإصلاح الإداري يتحقق من خلال التركيز على الدور الأساسي للقيادات الإدارية وتطوير الإدارة العامة ورفدها بالكوادر الكفوءة والفعالة، والانفتاح بين الإدارة العامة والمجتمع والأخذ بمفاهيم الإدارة الحديثة، والعمل على إصدار قانون عصري وحديث لتنظيم عمل الوظيفة العامة في سورية.
أما بالنسبة لمكافحة الفساد فيجب أن تكون الرؤية واضحة والآليات متكاملة تشترك فيها جميع إدارات ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني والأفراد. وبالطبع لا بدّ من تفعيل القوانين النافذة ذات الصلة وتطويرها وإعداد مشاريع قوانين جديدة بما فيها إصدار قانون هيئة مكافحة الفساد والكسب غير المشروع وإعطاؤه الأولوية.
وبالتالي فإن عملية الإصلاح الإداري هي عملية مستمرة تتمثل في إعادة النظر بالهياكل الإدارية لجميع الجهات العامة في الدولة وآليات توصيف الوظائف العامة والتكليف بها، وكذلك إعادة النظر بالقوانين الضريبية والعمل على إصلاح المنظومة الضريبية بحيث تكون متوافقة مع مبادئ العدالة والمساواة دون التأثير على الإيرادات العامة.
أما فيما يتعلق بمكافحة الفساد فإن ظاهرة الفساد هي ظاهرة قديمة وعامة لا تكاد تخلو منها أي دولة، وهو يرتب آثاراً كارثية على المجتمع، علماً أنه في سورية تتوافر أهم متطلبات مكافحة الفساد والمتمثلة بالإرادة السياسية القوية من خلال تأكيد السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم على مكافحة الفساد بالقوانين والأخلاق وتعزيز العمل المؤسساتي عبر تكافؤ الفرص وإلغاء المحسوبيات.
إن صدور المرسوم رقم /281/ تاريخ 14-9-2014 المتضمن أهداف ومهام وزارة التنمية الإدارية يعكس سعي الحكومة لتنظيم وتطوير أداء الإدارة والوظيفة العامة وتحسين خدماتها للمواطنين ومكافحة الفساد الإداري من خلال تحديث القوانين والتشريعات الناظمة والتطوير المؤسساتي وتأهيل الكوادر البشرية واستخدام تقانات المعلومات.
وبالنتيجة فإن إصلاح الإدارة العامة عملية متكاملة، وغالباً ما تمتد على زمن طويل كما تبين التجربة في جميع بلدان العالم. وهي عملية تنشأ في مواجهتها عقبات وصعوبات عديدة تنشأ خلال مسارها، تؤدي إلى إبطاء هذا الإصلاح في مجال ما بينما يجري تقدمه في مجالات أخرى.
هل تعتقدون أن السير كان جدياً وحقيقياً في تعزيز ودعم العلاقة الاقتصادية مع الدول الصديقة التي وقفت مع الشعب السوري خلال الأزمة؟ وهل من رؤية جديدة لدى الحكومة في هذا الاتجاه؟ وخاصة أن وزارة الاقتصاد أعادت مؤخراً تشكيل مجالس الأعمال؟
ترصد وزارة الخارجية والمغتربين بجدية التحولات في مواقف الدول من الأزمة، وتتابع مع الدول الداعمة للموقف السوري ولاسيما الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول البريكس وغيرها من الدول الصديقة في العلاقات السياسية ومن خلالها يتم الحديث عن التعاون الثنائي في المجالات كافة.
وقد تمكّنا من التشاور والتنسيق والتعاون مع هذه الدول، وتمَّ طرح عدد من مشاريع الاتفاقيات حاز بعضها على الموافقة بين البلدين وسيتم تنفيذها وفق أحكام الاتفاقيات المنظمة لهذه العلاقة والباقي قيد التفاوض. وستستمر سورية مع هذه الدول وغيرها ممن تتضح لديه أبعاد المؤامرة ضدها وما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من جرائم بحق الشعب السوري والدولة السورية ومنشآتها وبنيتها التحتية وأوابدها التاريخية، لعقد الاتفاقيات والبرامج الثنائية لتعزيز التعاون وتطويره في مختلف المجالات.
وتعمل الحكومة على تطوير العلاقات مع الدول الصديقة كافة، كما قامت بتشكيل مجالس الأعمال مع الدول الصديقة والتي تتوفرعلاقات اقتصادية وتجارية معها كما تعمل باستمرار على تشكيل مجالس الأعمال الجديدة فور توافر الظروف الملائمة لعملها، كما يتمّ التنسيق المستمر مع الأصدقاء وكان آخرها عقد اجتماعات اللجنة المشتركة السورية – الروسية في سوتشي والتي تناولت بحث مجالات التعاون والتنسيق على أوسع المستويات بين البلدين الصديقين ونعلق آمالاً كبيرة على ما حققته هذه الاجتماعات.
تقولون سيادتكم إن «الحكومة ستدعم في الشؤون الاجتماعية نظاماً فاعلاً للحماية الاجتماعية يشمل النساء والأطفال» وهذا حديث متكرر منذ سنوات.
فهل بالفعل هناك جدية في وضع نظام حماية اجتماعية يشمل كل الفئات؟
إن مفهوم الحماية يختلف اليوم عمّا كان يطرح سابقاً، حيث إن الحرب طالت النساء والأطفال بانتهاكات عديدة «العنف الجنسي – التجنيد – الاتجار بالأشخاص….».
وهذا يعني أن طرق الحماية طرق غير تقليدية وقد طلبنا من وزارة الشؤون الاجتماعية إعداد استراتيجية لملف الحماية بجدول زمني لإنجاز المطلوب، وينطوي هذا النظام على تعديلات قانونية وتشريعية وإيجاد آليات فاعلة لتطبيق إجراءات الحماية، كما يتم العمل على« نشر الوعي بمخاطر الحروب والظواهر الاجتماعية الناجمة عنها وتأثيرها على النساء والأطفال، والتحضير لتوقيع مذكرة تفاهم مشتركة بين الوزارة والمفوضية العليا للاجئين والمنظمات الدولية المعنية بقطاع الحماية، ويتم العمل على إقرار استراتيجية المسنين واستراتيجية الطفولة واستراتيجية الطفولة المبكرة وستتم مناقشتها قريباً، وتمَّ إنجاز مشروع قانون الرعاية البديلة وأُقر في لجنة التنمية البشرية ليصار إلى عرضه في الفترة المقبلة مع تعليماته التنفيذية على مجلس الوزراء، وقضايا عديدة تتصل بـ «تعديلات في قانون الأحوال الشخصية – مشروع حقوق الطفل – تعديلات في قانون العقوبات – قانون الجنسية» ستكون الأساس الذي سيبنى عليه ملف الحماية وبالتنسيق بين الوزارة والشركاء الحكوميين والمجتمع الأهلي والمنظمات الدولية.
هل تعتقدون أن البلاد تحتاج إلى مشروع ثقافي وطني مدني حقيقي يقدم حلولاً موضوعية لمواجهة الفكر الظلامي وفكر الإقصاء والتطرف الديني، وما شكل هذا المشروع إذا كان قد تبلور؟
إن المشروع الثقافي حاجة دائمة، ومستمرة، لأي شعب من الشعوب. لأن الثقافة ترتبط بالوجود الإنساني ذاته، وتتنامى الحاجة إلى الأداء النوعي، وإلى فعالية المشروع الثقافي، في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها سورية.
إن المشروع الثقافي السوري كان أحد أهم روافد الثقافة العربية، والإنسانية. نحن أصحاب الأبجدية الأولى في التاريخ البشري، وأوابدنا التاريخية قدّمت للعالم صورة الأنماط الاجتماعية، التي سادت هذه المنطقة في عصور مختلفة، وكلها تؤكد أن العقل البشري بدأ مسيرته المعرفية على هذه الأرض، وصدّرها إلى العالم كله، تجربةً ناضجةً في مختلف مجالات الحياة؛ وحتى في تاريخنا الحديث والمعاصر، كانت سورية مركز الإشعاع القومي، الذي أسهم مشروعه الثقافي النهضوي في استقلال عدد من الأقطار العربية. وسورية أنتجت ثقافة المقاومة ضد ثقافة التفريط والاستسلام للمشروع الصهيوني، وهذه كلها مفردات بالغة الجدية والفاعلية، في سياق المشروع الثقافي العربي السوري المتواصل.
ولا شك أن أسباباً ذاتية تتعلق بالتقصير، في هذا الجانب أو ذاك، من أدائنا الثقافي أسهمت في إضعاف مناعتنا الذاتية، لعل في مقدمتها تراجع المشروع القومي، وطغيان ثقافة الاستهلاك، وانتشار مفهوم الريعية المادية، على حساب القيم والأخلاق، والفصل الحادّ بين التعلم والثقافة. وهذه كلها من الأسباب التي لم تساعد الكثير من الإخوة السوريين، على رؤية المؤامرة التي تستهدف بلادهم في بداياتها، إلا أننا نلاحظ بارتياح أن كثيراً من الإخوة السوريين انتبهوا، وأدركوا حقيقة ما يخططه المتآمرون ضد بلادهم؛ وهذا مؤشر على منسوب من الوعي، متوافر بفضل المشروع الثقافي، والمؤسسات، والمراكز الثقافية المنتشرة في جميع محافظات القطر.
ولأننا نرى في أطفال سورية أملنا المستقبلي القادم، فسوف نولي ثقافة الطفل اهتماماً خاصاً، لنمكّن الأطفال من تجاوز الآثار النفسية السلبية للأزمة، والتعافي من تداعياتها، آخذين بعين الاعتبار أن الأجيال الجديدة بشكل عام تحتاج إلى خطاب ثقافي، يستخدم أدواتٍ معرفيةً جديدة، تشكّل الثقافة البصرية، ومنظومة الاتصالات، أداتها الرئيسة، لتوصيل المضامين الفكرية المتصلة بالعروبة، والانتماء، وتعزيز ثقافة المواطنة، والمصالحة الوطنية، والتجانس المجتمعي.
ومن الناحية الدينية فإن فقه الأزمة بأجزائه الأربعة هو المرجع الديني الفقهي والعلمي والثقافي لمواجهة الفكر المنحرف من الناحية الدينية وأصبح مرجعاً للتدريس والخطابة في منابر المساجد والمعاهد والمدارس الشرعية حيث يتعرض إلى أسس الدين الحنيف والتسامح ويرسم خارطة طريق العمل الدعوي والإرشادي من خلال المنظومة الفكرية العلمية في خطاب السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد لصياغة وبناء الوطن والأمة في ضوء الفهم الصحيح للإسلام الحقيقي «دراسة تحليلية».
وإن وزارة الأوقاف تقوم على إنجاز منظومة أخلاقية تحصن المجتمع من الناحية الأخلاقية وستكون مكملة ومتممة للناحية الفقهية في مواجهة هذه التيارات التكفيرية الضالة وتعالج أزمة الأخلاق إضافة لمنابع الفكر الظلامي المتخلف والذي يخالف كل مبادئ الشريعة الإسلامية والقيم الإنسانية الحضارية ويعمم ثقافة الحوار.
ألا تعتقدون أن الرؤية غير واضحة فيما يخص إعادة الإعمار وكأن الطرح موجه إلى البنى العامة؟ وماذا عن الناس الذين فقدوا منازلهم؟ وكذلك ماذا عن قطاع الأعمال والتعويضات التي ستقدم؟
إنّ عملية إعادة الإعمار لن تبنى على مقاربة فيزيائية فقط، بل تشترط التوافق المجتمعي وإرساء الأمن والاستقرار، وتستلزم بيئة عمل دولية أكثر انفتاحاً، وما سيكون من أبرز أولويات الحكومة خلال الفترة القادمة العمل على استكمال مضامين الرؤية الوطنية لإعادة الإعمار والتنمية في سورية والمنهجية المقترحة لإدارة هذه العملية وإعدادها وفق الأسس والمعايير العالمية لإعادة الإعمار والتنمية، وتحديد الأولويات وترتيبها بعد رصد حجم ونوع وتوزع الأضرار والخسائر التي لحقت بالقطاعات على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي واستكمال إنجاز قواعد بيانات متكاملة وفق منهجية علمية موحدة.
ولعل أول ما بدأت به الحكومة هو التأسيس لتجارب إعمار تهدف إلى تحضير خبرتنا العملياتية وصقلها بمشاريع على أرض الواقع تحاكي بيئة إعادة الإعمار التي سنواجهها مستقبلاً، والتي يتكافل فيها الفكر التخطيطي العمراني الخلاق مع الجهود الاستثمارية المحلية ومع تشريعات خاصة تتيح المرونة وسرعة التطبيق من خلال توخي العدالة في توزيع الحصص المستملكة، كما تسهم في زيادة العوائد المالية للمجالس المحلية.
وفي هذا السياق، يتم العمل بخطوات حثيثة وبالتعاون مع الجهات الوزارية والمحلية المختصة على تطبيق المرسوم التشريعي 66 لعام 2012، والذي حدد عدداً من مشاريع التطوير العقاري في محافظة دمشق، على أن تعمم التجربة على غيرها من المحافظات بعد رصد مكامن الضعف ومع التقدم الناجح للأعمال.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال والخاص بالتساؤل حول الناس الذين فقدوا منازلهم، فقد أطلقت لجنة إعادة الإعمار منذ بداية تشكيلها في 2012 برنامجاً لتعويض المتضررين يطول مختلف أشكال الملكيات ويحدد المستفيدين وقيم التعويض بصورة شفافة.
إضافة إلى مجموعة من البرامج والمشاريع، شملت رصداً دورياً للأضرار والخسائر التي لحقت بالقطاعات والمنشآت العامة والخاصة، وأرشفتها في قواعد بيانات موحدة تعتمد معايير موضوعية في التقييم، يشترك في إعدادها جميع الجهات المركزية والمحلية وبشكل يضع صانع القرار في صورة الواقع الفعلي، ويحدد أولويات التدخل الإسعافي والخدمي ضمن شروط الإنفاق المتاح.
ألا تعتقدون سيادتكم أن مشروع قانون الاستثمار قد استهلك وقتاً طويلاً ولم يرَ النور؟ وهل تشعر الحكومة بالحاجة إلى رؤية جديدة في الاستثمار في ظل إعادة الإعمار؟
إن الوضع الذي فرضته الأزمة الراهنة والذي تطلب من الحكومة إعادة النظر بكل القوانين والأنظمة النافذة بما فيها قانون تشجيع الاستثمار، يتوافق مع طبيعة المرحلة حيث إن الأزمة التي يمرُّ بها بلدنا أرخت بظلالها على الاقتصاد الوطني، ولاسيما بفعل العقوبات الغربية الجائرة التي فُرضت على شعبنا، وكما هو معلوم إن الاستثمار هو الأسرع بالتأثر في مثل هذه الأزمات ويحتاج إلى زمن أطول لكي يتعافى ويعود إلى دوره في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
فقد تمَّ فعلياً إنجاز مشروع القانون بعد تلقي كافة الملاحظات من الوزارات والجهات المعنية، وذلك نظراً لأهمية قانون الاستثمار في مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار من خلال فتح الباب أمام رؤوس الأموال الخاصة للدخول إلى السوق السورية والمشاركة بعملية إعادة الإعمار والمساهمة في عملية التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني ما استدعى الحاجة إلى إزالة العوائق والصعوبات التي ظهرت أثناء تطبيق مرسوم الاستثمار رقم /8/ لعام 2007.
وسيشكل قانون الاستثمار المقرر استصداره مظلة تشريعية ناظمة للاستثمار الخاص وجاذب للاستثمار المغترب والأجنبي لما له من أهمية في مرحلة إعادة الإعمار وتأهيل ما قد تضرر خلال هذه الأزمة، بالإضافة إلى تحديد الجهة التنفيذية المعنية بالاستثمار وإعطائها الصلاحيات المطلوبة والمنوطة بها.وسيساهم في إشراك السوريين داخل سورية وخارجها في عملية البناء والتنمية للوصول إلى مفهوم المجتمع التشاركي بكل مكوناته، وخاصة بعد أن أقرت الحكومة قانون التشاركية بين القطاعين الخاص والعام الذي من شأنه أن يخلق اقتصاداً مقاوماً للأزمات والاختراقات وللهزات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، من خلال إتاحة المجال لدخول شراكات حقيقية بين القطاعين العام والخاص وتنفيذ المشاريع الاستثمارية ذات الأولوية في مرحلة البناء وإعادة الإعمار.
في مجال النقل تمَّ طرح عنوان كبير هو «إعادة تأهيل أساطيل النقل بأنواعها المختلفة البرية والجوية والبحرية والسككية».
بداية هل تملك الحكومة التمويل اللازم لذلك؟ وهل من طرق لسد هذا التمويل سواء عن طريق السندات الداخلية، أم عن طريق القروض الخارجية؟
في البداية لا بدَّ من الإشارة إلى أن أسطول النقل البري مملوك بأغلبيته للقطاع الخاص، أما بالنسبة للشركات المشتركة، فقد تمَّ تأهيل العديد من الشاحنات وحالياً هي قيد العمل.
في مجال النقل الجوي: تمَّ تأهيل طائرتين واحدة من نوع ايرباص والثانية ATR ويوجد طائرتان نوع ايرباص وATR قيد التأهيل، كما تمَّ الترخيص للعديد من الشركات الخاصة لإنشاء شركات طيران وفق الأنظمة والتعليمات النافذة في القطر.
في مجال النقل البحري: توجد ثلاث سفن تتبع للقطاع العام وتعمل بشكل جيد ولا تحتاج إلى تأهيل، علماً أن قطاع النقل البحري لم يتأثر بالأزمة.
هل من رؤية حكومية في مجال الإسكان وخاصة بعد الارتفاع الكبير الحاصل بأسعار مواد البناء؟ وماذا عن مشروع سكن الشباب المتوقف في بعض المحافظات؟
تعمل الحكومة ومن خلال المؤسسات المختصة على تنفيذ برامج الإسكان الاجتماعي المختلفة التي ترتكز على نشاط القطاعات الثلاثة العام والتعاوني والخاص، ويعتبر هذا العمل أحد أشكال التدخل الحكومي المباشر في قطاع الإسكان من خلال بناء المساكن مع مرافقها ضمن ضواحي سكنية متكاملة الخدمات وتخصيصها للمواطنين بناءً على الاكتتاب المسبق على برامج الإسكان الاجتماعي التي تطرحها المؤسسة وفق اشتراطات وضوابط محددة في الإعلانات الخاصة بهذه البرامج الإسكانية ووفق القوانين والأنظمة التي تحكم عملها ومن أهم هذه البرامج الإسكانية « شبابي – عمالي – ادخار – البرنامج الحكومي للإسكان – سكن قضاة مجلس الدولة… » بالإضافة إلى مشاريع سكنية للمنذرين بالهدم لمصلحة مشاريعها ولمصلحة بعض الجهات العامة والمقاسم المعدة للبناء المخصصة لأصحاب الأراضي المستملكة لمصلحتها، وتخصيص الجمعيات التعاونية السكنية بمقاسم وفق الأولويات المنصوص عنها في الأنظمة والقوانين النافذة.
ويبلغ عدد المساكن المكتتب عليها لدى المؤسسة العامة للإسكان حوالي « 102231 » مسكناً في مختلف البرامج الإسكانية تمَّ إنجاز وتخصيص جزء منها وهناك حوالي « 27000 » مسكن متعاقد على تنفيذها منها ما هو جاري تنفيذه في المناطق الآمنة وبشكل مقبول ومنها ما هو متوقف في المحافظات والمناطق الساخنة، وهي إحدى العقبات التي تواجه المؤسسة في تنفيذ التزاماتها بسبب الظروف الراهنة، وتقدَّر الكلفة اللازمة لاستكمال تنفيذ مشاريعها السكنية المباشر بها والمساكن المتبقية المكتتب عليها بحدود « 251 » مليار ليرة سورية وبحاجة إلى توفير التمويل اللازم لإنجازها.
وبالنسبة لمشروع السكن الشبابي: تمَّ تكليف المؤسسة العامة للإسكان بتنفيذ مشروع السكن الشبابي، وتمَّ الإعلان عن فتح باب الاكتتاب على المساكن الشبابية في جميع المحافظات بموجب عدة إعلانات يسدد المواطن رصيد قيمة المسكن بعد استلامه على أقساط شهرية متساوية لفترة أقصاها 25 سنة.
تقول الحكومة إنها ستعتمد سياسة واضحة لتعزيز وحماية الصناعات السورية الصغيرة والمتوسطة.
السيد رئيس الحكومة، هذا حديث ذو شجون وفي الفترات الأخيرة ضاعت الجهود في التبعية لوزارة العمل أم لوزارة الاقتصاد، فهل الحكومة جادة بدعم هذا النوع من الأعمال «التراخيص» «الضمانات» «التمويل»؟
تولي الحكومة الأهمية المتعاظمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة نظراً للدور المهم الذي تؤديه للاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي انطلاقاً من أهميتها في المساهمة في خلق فرص عمل جديدة وبتكلفة منخفضة نسبياً لفرصة العمل، ومحاربة الفقر وتنمية المناطق الأقل نمواً والوصول إلى صغار المستثمرين من الرجال والنساء، والمساهمة في زيادة الناتج القومي، وقيامها بدور الصناعات المغذية أو المكملة للصناعات الكبيرة، كما أنها تعتبر وسيلة لاستثمار المواد الأولية المحلية سواء كانت خامات غير مستثمرة أم سلعاً نصف مصنعة.
وتكتسب المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سورية أهمية كبيرة، لأن معظم المنشآت القائمة هي منشآت صغيرة ومتوسطة وتتجاوز نسبتها 95%، ولكن مسؤولية الإشراف عليها لا تنحصر في وزارة العمل ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بل تشمل عدة جهات أخرى كوزارات الصناعة والزراعة والسياحة وهيئة التخطيط والتعاون الدولي وغيرها.
وعلى الرغم من كل الدعم الذي تقدمه الحكومة لا يزال قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى المزيد من الاهتمام والرعاية، بسبب بعض الصعوبات التي تعوق نموه وتطوره.
ويتم العمل على حل الصعوبات التي تعترض تنميتها بالنسبة للتمويل اللازم لإنشائها وتطويرها وتوفير الضمانات التي تطلبها المصارف وتبسيط إجراءات الترخيص، بالإضافة إلى هذه النقاط الأساسية يحتاج هذا القطاع إلى المزيد من التنسيق والتكامل بين مختلف الجهات المعنية به.
بناءً على ذلك ومن أجل أن يتم تجاوز هذه الصعوبات سيتمحور العمل الحكومي حول وضع الحلول المناسبة لكل من هذه الصعوبات وفق ما تتطلبه الاحتياجات الفعلية والواقع الحالي.
وبشكل عام فإن المطلوب وما نسعى لتنفيذه هنا وبشكل رئيسي هو رفع سوية التنسيق بين الجهات المعنية فالهدف هو العمل بانسجام بين كافة الجهات المعنية لتحسين بيئة عمل هذه المؤسسات بما يمكن من تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع وبصورة سريعة.
هل سنجد تصنيفاً ودعماً للصناعات والمنتجات السورية الصناعية والزراعية التي تملك فيها سورية مزايا نسبية فتكون سلعاً تصديرية بامتياز؟
تعمل الحكومة على محورين متوازيين: المحور الأول يهتم بتأمين حاجة المواطن السوري من السلع الأساسية وخاصة القمح وتأمين حاجة معامل القطاع العام والتي هي بدورها تعمل على تأمين سلع مهمة للسوق المحلية، والمحور الثاني يهتم بتأمين سلع زراعية يحدد التوسع في زراعتها قوى العرض والطلب والتي تعتمد بشكل أساسي على زراعة السلع التي تتمتع بميزة نسبية بهدف التخفيف من استيرادها وفتح أسواق خارجية لها، ومن المعروف أن سورية تتمتع بميزة نسبية عالية في إنتاج الكثير من السلع الزراعية، ولكن حتى تتبلور هذه الميزة سنعمل على الانتقال من الميزة النسبية إلى الميزة التنافسية من خلال المساهمة مع الجهات الأخرى بتطوير معاملات ما بعد الحصاد مثل التعبئة والتغليف وبطاقات التعريف بالمنتج وغيرها.
وفي المجال الصناعي، يتم تشجيع الاستثمار«العام والخاص» في الصناعات ذات الميزة النسبية إلا أن التوجه ضمن هذه الظروف نحو التركيز على الميزة التنافسية التي تزيد منافع الميزة النسبية وتطور من عوائد الاقتصاد الوطني الأمر الذي سيجعل من هذه الصناعات الرافد الرئيسي للقطع الأجنبي في ظل هذه الظروف فمن المعروف أن الصناعات الزراعية الغذائية «زيت الزيتون – تعبئة المياه – صناعة الألبان والأجبان – الصناعة النسيجية» والصناعات الأخرى التي تتوافر موادها الأولية محلياً «الزجاج – الفوسفات- الأسمدة» سيكون لها فرص تصديرية عالية، ويتم العمل حالياً على توفير المستلزمات الرئيسية لتحسين الميزة التنافسية للصادرات السورية من خلال تأهيل مخابر وطنية للاعتماد الدولي بما يمكن من دخول البضائع السورية إلى دول التصدير بدون عوائق فنية ووفقاً للمتطلبات العالمية.
ما هي النظرة إلى القطاع العام عموماً؟ وهل سيترافق إصلاح هذا القطاع فنياً مع إصلاح إداري حقيقي منعاً للهدر ومكافحة لمطارح الفساد فيه؟ «صناعة».
يقوم القطاع العام الصناعي بدور مهم وكبير في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونظراً لأهميته فقد تم استهدافه بشكل مكثف من قبل العصابات المسلحة للحد من قدرته وإيقاف عجلة تطور الصناعة الوطنية، ورغم الاستهداف لهذا القطاع فقد أثبت قدرته على حمل أعباء كبيرة خلال الأزمة في سورية، وهذا ما يستوجب إيلاؤه الاهتمام الذي يستحق وبذل كل الجهود والطاقات لتطويره وتحديثه ليبقى مستمراً في العمل والإنتاج ضمن مفهوم الريعية الاقتصادية والاجتماعية.
وتسعى الحكومة إلى إعطاء هذا القطاع حقه والاهتمام به وتوفير متطلبات العمل بمرونة وشفافية وتوفير ظروف مساندة لعمله كرفده بالتطوير التكنولوجي والبحث العلمي وتأهيل العمالة بما يمكنها من التعرف والتعامل مع متطلبات التكنولوجيا الحديثة، كما أن تداعيات الظروف الراهنة تستوجب الحفاظ على المنشآت والتأسيس بشكلٍ جدي لعملية إصلاحه والنهوض بمقدراته.
لقد أفرزت الأزمة مشكلات استدعت إعادة النظر بنشاط بعض الشركات المتضررة والتفكير بتغيير نشاطها بما يحقق الجدوى الاقتصادية مع الحفاظ الكامل على حقوق العمالة ودعم نشاطات أخرى والتوسع بها وتبني فكرة تجميع بعض الأنشطة في منطقة جغرافية واحدة «العناقيد الصناعية» والإبقاء على النشاطات المتوازنة التي تؤمن تشغيل العمالة وتوفير السلع دون أن تحقق أرباح.
هذه الأمور برمتها تتطلب إعادة النظر بأولويات معالجة هذه الأضرار في مرحلة ما بعد الأزمة والتركيز على الأنشطة الصناعية الاستراتيجية «الإسمنت – الحديد – الأسمدة – الغذائية – النسيجية».
كما تعمل الحكومة على حل المشكلات الإدارية واختيار القيادات الفنية من ذوي الكفاءة والنزاهة لتمكين هذه الشركات من تطوير نفسها وزيادة ريعيتها.
هل من وصفات اقتصادية لوقف التضخم الذي التهم دخل المواطن إلى أبعد مدى، وهل تمكنتم من الوقوف على الأسباب العديدة التي تقف وراءه بعيداً عن ظروف الأزمة؟
إن وقف التضخم يتم من خلال تخفيض العجز وهذا يتطلب العمل على ترشيد الإنفاق، وكذلك زيادة الإيرادات.
إنّ إيجاد بدائل لتمويل الموازنة العامة بعيداً عن المصادر التضخمية يتطلب تصحيحاً عاجلاً لأوضاع الماليّة العامّة عبر الاعتماد على المصادر الحقيقية للتمويل كالضرائب والرسوم وإيرادات الدولة من استثماراتها من جهة، وضغط النفقات العامة وترشيدها وتحسين مراقبة وإدارة الإنفاق العام من جهةٍ أخرى.
لا توجد وصفات جاهزة لمجابهة التضخم، وإنما تحاول الدول عبر سياساتها الاقتصادية الحد من ارتفاع معدلات التضخم عبر استهداف مسبباته، وبالنسبة لسورية فقد شهد المستوى العام للأسعار ارتفاعاً استثنائياً وغير مسبوقٍ مدفوعاً بعوامل عدة بفعل الأزمة، حيث لا يمكن الفصل بأي حال من الأحوال بين معدلات التضخم المرتفعة التي شهدتها سورية وتداعيات الأزمة الراهنة على الاقتصاد السوري بشكل عام والأسعار بشكل خاص.
ويعزى هذا الارتفاع في المستوى العام للأسعار إلى مجموعة من العوامل أهمها: تعطل عملية الإنتاج في العديد من القطاعات المهمة خاصة القطاعين الزراعي والصناعي، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والنقل بشكل كبير، اعتماد سياسة التمويل بالعجز كمورد رئيس لتمويل الإنفاق الحكومي، انخفاض مستوى سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية جرّاء ازدياد الفجوة بين موارد القطر من القطع الأجنبي والطلب عليه، إضافةً إلى الحظر والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية وارتفاع تكاليف الاستيراد، وأيضاً انتشار ظاهرة الاحتكار واستغلال بعض ضعاف النفوس للوضع واحتكار الأسواق، هذا إضافة إلى تدهور شروط التجارة الخارجية نتيجة للعقوبات، وهو ما يجعل الحديث عن كبح التضخم في ظل الأزمة أمراً غير قابل للتحقيق في القريب العاجل.
ولا بدَّ من الإشارة إلى أن الحكومة اتخذت خلال فترة الأزمة العديد من الخطوات لتحسين المستوى المعيشي وتأمين السلع في السوق المحلية، وأهمها التدخل في السوق من خلال مؤسسات التدخل الإيجابي التي قامت بتوفير العديد من المواد والسلع بأسعار تنافسية، توقيع عدة اتفاقيات تبادل تجاري مع الدول الصديقة ما أسهم في توفير السلع الضرورية في السوق، قيام الحكومة بالتعاون مع المنظمات الدولية وتسهيل عملها في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والسلل الغذائية والصحية.
لا بدَّ هنا من التأكيد على الإجراءات التي اتخذها طيلة فترة الأزمة بهدف الحد من تقلبات سعر صرف الليرة السورية، ومواجهة أي ارتفاعات غير مبررة في سعر الصرف لتحقيق استقرار السوق، وعودة سعر الصرف إلى مستوياته التوازنية، لما لذلك من أثر على استقرار أسعار السلع في السوق المحلية، مع التأكيد على ضرورة تضافر جهود كل الوزارات المعنية لضبط مستوى الأسعار كل حسب اختصاصه.
هل يعني ذلك سيادة رئيس الحكومة أن الوقت قد حان فعلاً للعمل باتجاه تقديم الدعم إلى مستحقيه؟
بداية لا بد من توضيح مفهوم الدعم وأشكاله: وهو عبارة عن مقدار مساهمة الدولة في تحمل جزء من القيمة الحقيقية للسلع أو الخدمة وتقديمها بأقل من قيمتها أو كلفتها الحقيقية سواء كانت مستوردة أم محلية.
وهو يتم من خلال مساهمة مالية مباشرة في كلفة الخدمة أو السلعة أو من خلال تحمل عناصر تكلفتها، وهنا نبين أن الدعم الحكومي ما زال يشمل كافة أفراد المجتمع بمختلف شرائحهم وعلى كافة المستويات والقطاعات التموينية والطاقة والصحة والتعليم والزراعة والمياه….الخ.
إن تقديم الدولة للدعم المذكور بشكله الحالي يؤدي إلى زيادة العبء على الموازنة العامة وبالأخص في الظروف الحالية لقلة الموارد إضافة إلى حدوث خلل بتكاليف هذه الخدمات والعائدات المقدمة للمواطنين.
وطالما أن الدولة تتحمل هذا العبء للدعم لابد من وضع دراسة وقاعدة بيانات وإحصائيات لإيصال الدعم إلى مستحقيه من خلال التركيز على الطبقات الفقيرة ومتوسطي الدخل وأن تكون هذه الفئات هي المستهدفة لإيصال الدعم إليهم وبالتالي ضرورة عقلنة الدعم من خلال التحول من الدعم الشمولي إلى الدعم الانتقائي.
إن الغاية والهدف من الدعم، إما أن يكون اجتماعياً بهدف مساعدة الطبقات الشعبية أو اقتصادياً كدعم القطاعات الإنتاجية لغايات اقتصادية ومن هنا تبرز فكرة عقلنة الدعم أو توجيهه إلى مستحقيه سواء كان اجتماعياً أم اقتصادياً.
وبالخلاصة فإن فوائد عقلنة الدعم أو توجيهه إلى مستحقيه:
1» تساهم في إقلال الفوارق بين الطبقات الاجتماعية.
2» تعبر عن شعور بالعدالة بين أفراد الطبقة المحتاجة أو الفقيرة مقارنة مع الطبقات الأخرى.
3» تخفف من العبء المادي الذي تتحمله خزينة الدولة باقتصاره على ما هو ضروري.
4» تحد من الاستهلاك غير الضروري للسلع المستوردة مثل حالة المحروقات والكهرباء والماء.
5» تساعد على الحفاظ على الموارد المختلفة ولا سيما ما يتعلق منها بحياة الإنسان.
6» تدوير جزء من الوفر لرفد القطاعات الإنتاجية وتطوير البنى الاقتصادية وإعادة الإعمار.