|
يمثل قطاع الاتصالات موردا أساسياً للخزينة العامة.. وبلغت عائداته السنوية اكثر من 80 مليار ليرة.. منها مايزيد على 32 مليار ليرة ايرادات الشبكة الثابتة.. ولانه يقوم بدور اساسي في دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية..
غدا هدفا لاجرام العصابات الارهابية المسلحة.. ونال القدر الاكبر من تخريب دعاة الحرية المزعومين.. تدميرا ونهبا وحرقا وسرقة للمقاسم والمراكز الهاتفية والمقرات الادارية والشبكات.. فيما نال الكادر البشري حظاً وافراً من القتل والخطف.. وانعكست الممارسات الارهابية خسائر بشرية وهدرا ماليا وعرقلة في تنفيذ الحطط التنموية والخدمية اضافة الى عدم تأمين خدمات الاتصالات للمشتركين.. وبالتالي خسائر بمليارات الليرات.. وبلغت حصيلة خسارة الكادر الفني لغاية مطلع العام الحالي 69 شهيدا و15 مخطوفا اضافة الى 19 اصابة مختلفة بين العمال. وقدرت إدارة الشركة السورية للاتصالات اجمالي الخسائر المالية المباشرة نتيجة الاعمال الارهابية بحوالي 8,667 مليارات ليرة فيما قدرت قيمة الخسائر غير المباشرة كفوات عوائد وتأخر تنفيذ مشاريع وانحسار الخدمات بحدود 4 مليارات ليرة لغاية نهاية العام الماضي فقط. وقدرت قيمة الاضرار اللاحقة بالاليات لوحدها حوالي 164 مليون ليرة أي ما يعادل قيمة 300 سيارة سياحية وبيك آب. اما قيم الاعطال في الشبكات والابنية والمقرات الادارية فبلغت تقديريا اكثر من مليار ليرة. وزادت قيم الاضرار في تجهيزات المقاسم والتجهيزات الملحقة من قدرة وتكييف وتجهيزات الربط عن 4.3 مليار ليرة. ولم تسلم المواد الاحتياطية والتشغيلية في مستودعات بعض المحافظات من اعمال السطو والسرقة وبلغت قيمتها التقديرية 2.5 مليار ليرة. بمعنى اخر بلغ اجمالي قيم الاضرار التي لحقت بالابنية والمقاسم والاليات والشبكات حوالي 9 مليارات ليرة لغاية مطلع العام الحالي.
تراجع القدرات التشغيلية
وساهمت الاعمال الارهابية والتخريبية التي استهدفت مراكز الهواتف وما تحويه من بنى تحتية وتجهيزات مقاسم وقدرة وتكييف وشبكات في تدني الجودة وانخفاض معدل الوثوقية في الشبكات وتراجع الخدمة.. وحسب مصدر مسؤول في الشركة السورية للاتصالات تضررت بعض المراكز والمقاسم بشكل كامل وهناك عشرات المراكز والمقرات الادارية خارج الخدمة..
كما لم تسلم كوابل الربط البصرية بين المحافظات والكوابل النحاسية وشبكات الكهرباء ومراكز التحويل ومحطات الوقود من التخريب وساهم قطع الطرق بين المناطق سلبا على استمرار خدمات الاتصالات بانواعها.. وتسبب نزوح العاملين من مناطق سكنهم وعملهم إلى مناطق أخرى آمنة خشية الإرهاب الأسود تسبب بانخفاض الطاقة العاملة.. وصعوبة التنقل من مناطق الإقامة إلى أماكن العمل ادت إلى تراجع الجودة المطلوبة في خدمات القطاع.
إرهاب بالمطلق..
وحسب إدارة الشركة فإن أعمال النهب والسلب والتخريب للمستودعات المركزية ومستودات المراكز والمقاسم لم تتوقف.. ولم تسلم الآليات من السرقة والتخريب مما أثر على عمليات الصيانة وإعادة الخدمات للمشتركين. وانعكست هذه الأعمال تأخراً في تنفيذ العقود المبرمة والتوسع في الخدمات ولاسيما خدمات الحزمة العريضة للانترنت.. واصبحت سيارات نقل أموال الجباية من المراكز إلى المصارف هدفا للإجرام المسلح ما انعكس سلباً على موارد دخل الشركة.
نزف جائر
تعاني الشركة من النزف الجائر بالنسبة للشبكات الأرضية والهوائية والعلب الهاتفية حيث نشطت ظاهرة سرقة الكوابل وتدنت نسبة تنفيذ خطة التركيبات والتوسع الأفقي في الخدمة.
وبالتعليل: هناك مخصصات لكل محافظة من الكوابل لإنجاز الخطط التنموية وتنفيذ المشاريع وفق جداول زمنية محددة.. إلا أن تنامي ظاهرة لصوص الكوابل ساهم بالحد من تنفيذ هذه الخطط بسبب عملية إعادة التهيئة. وتتمثل هذه العملية باستجرار كوابل بديلة عن المسروقة لتجنب عزل المشتركين أو حرمانهم من الخدمة.. مما يشكل إرباكاً حقيقياً للكادر الفني حيث ستستغرق عملية إعادة التوصيل أياماً في الأحوال العادية.. فكيف الحال في ظل مواجهة حرب إرهابية منظمة.. كما أن احتياطي الكوابل بدأ بالنفاذ والكادر البشري وقع ضحية هذا العدوان حيث تعرض الفنيون للقتل والخطف في أكثر من موقع.
تعذر تقدير الأضرار
بينت إدارة الشركة السورية للاتصالات قيمة الكوابل الهوائية والأرضية المسروقة عام 2011 أي خلال تسعة أشهر من بداية الأزمة بنحو 312 مليون ليرة وبسبب تعذر الوصول إلى المناطق التي تنشط فيها العصابات المسلحة غابت تقديرات أضرار الشبكة العام الماضي أو إحصاء السرقات والتعديات الحاصلة. ويشكل ذلك نزيفاً جائراً للموارد حيث تتدنى العوائد المالية فضلاً عن الأثر السلبي للمصداقية في خدمة الزبائن.
وحسب مصادر الشركة يؤدي انقطاع الخدمة عن المشتركين إلى الحد من التواصل الاجتماعي وتنفيذ الأعمال الصناعية والتجارية مما يحد من إنجاز الاعمال بالسرعة والزمن المطلوبين. كما أن إعادة تهيئة الكابل المسروق تؤثر في العمر الفني جراء أعمال التوصيل وزيادة التكلفة التشغيلية واستمرار الانقطاع طيلة مرحلة إعادة التأهيل مما يعطي مؤشراً سلبياً عن أداء وجودة الشبكة. وبالتالي الخسارة مضاعفة حيث تضاف إليها فوات عوائد مالية مقررة سابقاً كان من الممكن أن تساهم في دفع عجلة التنمية في مكان آخر. وبالمجمل انعكست هذه الأعمال سلباً على القطاع حيث تدنت جودة الخدمة وتراجع تنفيذ الخطط التنموية لجهة التركيبات وتقديم خدمات إضافية وتحسين وثوقية الشبكة والنتيجة خسائر اقتصادية لاتقدرها الأرقام وتدني الإيرادات وفوات العوائد وصعوبة عملية إعادة التهيئة للشبكة وتجهيزاتها التي لم يوفرها المرتزقة وقطاع الطرق.. وإرباك حقيقي لكادر فني مدرب لم يسلم من الخطف والقتل والضرب..
تحديات بالجملة
وفي ظل الظروف الراهنة تأثر قطاع الاتصالات وإلى حد كبير بالحصار الجائر والظالم المفروض من حماة الإرهاب ولاسيما لجهة تأمين المواد والتجهيزات الضرورية في تنفيذ المشاريع والقيام بأعمال الصيانة. ومن صعوبة فتح الاعتمادات وتحويل الاستحقاقات الخارجية للشركة إلى صعوبة تحصيل الإيرادات الخارجية. وغياب الخبرات الأجنبية التي كانت تتابع تركيب التجهيزات أو التشغيل التجريبي ضمن مدة الضمان القانونية والأخطر من ذلك منع تصدير قطع الغيار والتجهيزات الفنية وخاصة المستخدمة في برامج المعلوماتية.
وحسب مصدر مسؤول في الشركة فإن هذه الوقائع أدت إلى عزوف الشركات الخارجية عن المشاركة في الإعلانات والمناقصات وفسخ العقود التي تم إجراؤها وصولاً إلى عدم إمكانية التواصل في المؤتمرات الدولية. والمحصلة توقف غالبية المشاريع بدءاً بتوسعات المقاسم وتراسل المعطيات وعدم الوصول إلى بعض المواقع وهذا كله أثر ويؤثر على تقديم الخدمات للمواطنين.
وأمام هذا الواقع ما هي خطة العمل في المرحلة الراهنة؟ وماذا عن اعمال الصيانة وضمان استمرار الخدمة؟
تقول إدارة الشركة: إن العمل يتم بالاعتماد على التجهيزات المتاحة وفق الإمكانيات حيث يبذل الكادر الفني جهوداً مضاعفة لإعادة توصيل الكوابل والشبكات المتضررة والمسروقة بين المحافظات وفي المدينة الواحدة وفي أحيان كثيرة بمؤازرة الجهات المعنية لضمان إصلاح الخلل بأقصى سرعة وحفاظاً على سلامة العنصر البشري والاستمرار بتقديم الخدمات حتى في المناطق المضطربة أمنياً وفي أوقات كثيرة يتم إيصال الليل بالنهار لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
وأمام توقف تنفيذ المشاريع والخطط التنموية في المناطق المتوترة تتابع الشركة ترميم الشبكة وتجهيزات الاتصالات من مقاسم وقدرة وانترنت في المناطق الآمنة أو التي أصبحت آمنة وفي المراكز وضمن المحافظة الواحدة أو بين عدة محافظات.