الجمعة 2013-03-15 10:28:03 |
رئيس التحرير |
15 آذار...يرضى القتيل وليس يرضى القاتل! |
|
كتب:أيمن قحف إنها ليست مناسبة ،وليست ذكرى،وبالتأكيد ليست لحظة تستحق الاحتفال.... هي بداية أكبر كارثة لحقت بنفوس السوريين وعقولهم وقلوبهم ،مصيبة عظمى فتكت بكل ما هو جميل بحياتنا وأسلوب عيشنا الذي لم نعرف قيمته إلا بعد أن فقدناه...ربما للأبد! لم أكن أنوي أن أتعامل مع هذا التاريخ أبداً،لكن ما أقرؤه وأسمعه وأراه منذ مساء الأمس حتى الآن استفزني كثيراً،فما لقيته من الجميع بعد عامين من الدم والدمار و عشرات الآلاف من الضحايا وخراب البلاد والنفوس ،مالقيته لم يكن سوى المزيد من التصعيد وقرع طبول الحرب لتقضي على من تبقى منا وما تبقى من بلدنا !!! كنت أتمنى أن يقف الناس اليوم لقراءة الفاتحة على أرواح الضحايا جميعاً ولينظروا إلى السماء ويقولوا:سامحنا يا رب على جرائمنا وانقيادنا وراء الغرائز والعصبيات وشهوة القتل،واليوم سنوقف كل شيء لنبحث عن السلام لبلدنا وأهلنا!! 15 آذار 2013 ليس سوى مناسبة لحشد المزيد من الرجال والسلاح بحثاً عن نصر لن يتحقق أبداً!!! إن من يسعى إلى السلطة "احتفاظاً أو اكتساباً"سيجد أن في رقبته ملايين الضحايا واللاجئين والمعاقين و المدمرين والمرضى النفسيين عليه أن يتحمل مسؤولية حرب شارك في إطالة أمدها إن لم نقل شارك في إشعالها!!وبالتالي لن يجد نفسه إلا خاسراً ومتحملاً دماء عشرات الآلاف من البشر.. لم أجد اليوم أحداً من الأطراف المتصارعة على الأرض أو الداعمة للأطراف المختلفة-ولا سيما من يحرصون على "الحل السلمي عبر تسليح المعارضة"!!!- لم أجد منهم من يتحدث أو يعمل بحق على إنهاء الصراع وحقن الدماء ووقف الدمار!! لقد ساعدتني خدمتي العسكرية كباحث في مؤسسة الأرض منذ قرابة عشرين عاماً على القراءة المتعمقة للعقل الاسرائيلي من خلال إعلامه وأبحاثه و دراساته وكتبه، وإذا أردت أن أحلل كباحث يعمل بمنهج "تحليل المضمون"بنية العقل الاسرائيلي بناء على أكثر العبارات تكراراً في "الفكر والإعلام"هناك فالأولوية بالتأكيد لمصطلح"استخلاص العبر". عندما يحصل في الأراضي العربية المحتلة أي حادث مهما بلغ حجمه فإن الجميع يستنفر للحديث عنه وتحليل جميع التفاصيل الكبيرة والصغيرة عبر الإعلام والأجهزة المختصة وصولاً إلى مراكز الأبحاث الاستراتيجية،كل شيء يؤدي إلى عبارة واحدةهي"استخلاص العبر"!! لا شيء يترك للصدفة ،ويمكنهم أن يتعاملوا مع أي طارئ وأن يخططوا للمستقبل القريب والبعيد متكئين على"استخلاص العبر"! هم –مع انحدارهم الأخلاقي وعدوانهم التاريخي-أقوياء لأنهم لا يتركون شيئاً للصدفة، ومن خلال"استخلاص العبر"صنفونا كالتالي:العرب لا يقرؤون،وإن قرؤوا لا يفهمون،وإن فهموا لا يفعلون شيئاً!!! ربما أطلت الاستطراد قليلاً لأقول بوضوح أننا بالتأكيد لسنا قادرين ولا حتى راغبين بـ"استخلاص العبر"من سنتين من القتل والدمار. لا نعود للتاريخ ولا إلى لعبة المصالح العالمية لنعرف دوافع أمريكا و فرنسا وبريطانيا وتركيا في التعامل مع سورية وشعبها! لا نعود للتاريخ والمصالح لنعرف كيف يفكر ويتصرف أهل الخليج ولماذا! لا نعود للتاريخ والمصالح لنحلل مواقف روسيا وايران والصين من الأزمة السورية! لا نعود للتاريخ لنحلل نقاط ضعف السلطة الحالية التي أدت لضعف بنية المجتمع السوري وعدم قدرته على المقاومة وطرد الأجسام والأفكار الغريبة القاتلة! لا نعود للتاريخ لنعرف أن"الصدق أفضل من التكتيك"في التعامل مع الشعب! يحل 15 آذار ولا أحد يعزف لحن سلام،طبول الحرب تقرع والجميع يبحث عن نصر في "انتظار غودو"الذي لا يأتي أبداً! الجميع ينقاد إما للتعنت وشهوة السلطة أو الكذب أو المراوغة أو الانقياد للخارج بطريقة مدمرة،ينقادون للطائفية القبيحة ولاستبدال"رحمة الله"بسواطير ومحاكم "شرعية،بينما لا يزال كثيرون في السلطة لا يفهمون الحوار مع الآخر إلا في "الأقبية المظلمة"! يحل 15 آذار وعائلات الضحايا وأصحاب البيوت المدمرة يبدون أكثر استعداداً للتسامح من أجل أن لا يذوق الآخرون ما ذاقوه،لكن هناك من يحرضهم ويستخدمهم وقوداً لمعركته ،هناك من يتنكب المنابر باسمهم ليحقق المجد والمال والشهرة.. لعبة الأمم وجدت أيضاً أرضها الخصبة في بلدنا،وجدت رجالاً من سورية يبيعون شرف بناتهم من أجل المال أو السلطة أو هزيمة طائفة أخرى..وقبلها بعض السوريين ..وبسرور!!! 15 آذار،انتظرناك موعداً لمراجعة الحسابات،وتفاءلنا بأن من يحق لهم طلب القصاص –وهم أسر الضحايا ومن هجروا وتدمرت بيوتهم-مستعدين لطي صفحة الماضي مع جلاديهم.. ولكن عندما فتحنا شاشات التحريض وصفحات القتل وجدنا نشيداً واحداً سيستمر حتى إعلان وفاة سورية وشعبها للأبد،نشيد يقول: يرضى القتيل وليس يرضى القاتل!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
|
|