السبت 2013-03-09 11:31:37 |
بورتريه |
الدردري :إن توقف العنف اليوم، فسيكون بوسعنا انقاذ البلد، واقتصادها، ومجتمعها، ووحدتها، وسيادتها". |
|
في إطلالة نادرة تتعلق بالشأن السوري وجه عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية سابقاً تحذيراً شديد اللهجة لمختلف أطراف الصراع الدائر في سورية مفاده أنه:" لا يمكنك أن تغفل هذه الحقائق، لا يمكنك أن تدفن رأسك في الرمال وتقول: فلنحقق هدفنا الاستراتيجي من هذا النزاع أولاً ومن ثم نعيد بناء سورية. لست متأكداً أنه سيكون هناك سوريا لنعيد بناءها بحلول عام ٢٠١٥". أي أن الدردري يوضح ببساطة عدم وجود منصر في هذا الصراع وخاصة إذا استمر وقتاً أطول وهذا ما تبينه مجموعة الدراسات التي يقوم بها على رأس فريق متخصص من الاسكوا يضع سيناريوهات إعادة الإعمار لما بعد الأزمة.. وبدا حديث الدردري على درجة عالية من الجدية والوضوح والصراحة لدرجة صدمت الكثيرين وبدا ذلك من خلال تعليقات كثيرة ظهرت بعد نشر رويترز للتصريح! وكالعادة و بصورة متعجلة تبين أن البعض لم يكلف نفسه حتى قراءة مضمون التصريح بدأ هجوماً يصل إلى حد الشتائم لتحميل الدردري وحكومته مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع! وفي التفاصيل: قال نائب رئيس الوزراء السابق للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، والذي يعمل الآن على مشروع الأمم المتحدة لإعادة الإعمار "إن الوضع الاقتصادي في سوريا يمزقها، ربّما إلى نقطة يصعب الإصلاح فيها، إن استمر القتال لعاميين أخريين". وأضاف الدردري في حديثه لوكالة "رويترز" للأنباء من مكتبه في بيروت، أن الأذى الذي خلفه العنف ربما كلّف حتى الآن 80 مليار دولار أميركي، وهي فاتورة مستحيل تسديدها لحكومة ستصبح قريباً عاجزة عن دفع رواتب موظفي الدولة، ناهيك عن برنامج وطني لإعادة الإعمار. ويرى الدردري أنه بينما يُدفع ملايين السوريين إلى أعماق الفقر، وتتلاشى قدرة الحكومة السورية على تزويد الاحتياجات الأساسية، فإن القوى التي تدفع سورية نحو التفتت ستصبح أكثر فاعلية. وقال "الوضع الاقتصادي كفيل لوحده بتفتيت سورية إن استمرينا هكذا". الدردري، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية لمدة ست سنوات حتى آذار (مارس) 2011، والذي يعمل الآن ككبير الاقتصاديين في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) التابعة للأمم المتحدة، يترأس فريقاً يرسم خطة لما بعد النزاع، محاولاً أن يجمع السوريين من كافة أطراف النزاع ليصيغوا أجندة شاملة لاعادة الإعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقال الدردري "إن توقف العنف اليوم، فسيكون بوسعنا انقاذ البلد، واقتصادها، ومجتمعها، ووحدتها، وسيادتها". وأضاف شارحاً لما وصفه بمشهد اقتصادي "قاتم جداً" أن الاقتصاد قد تقلص بنحو ٣٥-٤٠٪ في السنتين الماضيتين، والبطالة ارتفعت إلى ٣٣٪ من ٨.٣٪ ما قبل الأزمة. أما الاحتياطي الاستراتيجي ما قبل الأزمة فقد "تبخر" برأي الدردري، بما في ذلك الاحتياطي الضخم من العملات الأجنبية، وميزان المدفوعات الرابح، وانخفاض الدين العام الخارجي والداخلي، وعجز الموازنة البسيط الذي لا يتجاوز 1.7٪ من الناتج الاجمالي، والميزان التجاري السليم حتى بعد استثناء النفط. مضيفاً أن "الحكومة السورية لن تستطيع تمويل المدفوعات الجارية بكاملها إن استمرت الأزمة بعد 2013، وأنا هنا أتحدث عن الرواتب والأجور بشكل رئيسي". أما إذا استمرت الأزمة لعام 2015، فستصل البطالة إلى ٥٨٪ مما يعني أنه لن يكون هناك فرص عمل للشباب، وستصل نسبة السوريين الذين يعيشون في فقر مدقع على أقل من ١.٢٥ دولار يومياً إلى 44٪، مرتفعة من 12٪ قبل الأزمة. مشيراً إلى أن "خط الفقر في مالي هو 44٪، إذن فالمبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي لا يبالغ عندما يتحدث عن صوملة سوريا". "بالرغم من الدمار الهائل، ما زلنا عند مفترق طرق"، مضيفاً أنه لو استطعنا انهاء الأزمة اليوم فهناك فرصة لإعادة الإعمار بمستويات مقبولة من الدين الداخلي والخارجي. وقال الدردري: "كانت سورية بحاجة لانفاق 90 مليار دولار لمواجهة تحديات النمو الاقتصادي حتى قبل الأزمة". مبتعداً عن اتخاذ موقف شخصي، أشار الدردري إلى ضرورة أن تعطي كل من الحكومة والمعارضة الاهتمام الكافي "للكارثة الاقتصادية" التي تواجه سوريا، مضيفا أن فريقه "لا يحاول أن يفرض رغبته. نحن نطرح خيارات، ودورنا هو أن نوضح الحقائق لكل أطراف الأزمة وداعميهم". وختم الدردري "لا يمكنك أن تغفل هذه الحقائق، لا يمكنك أن تدفن رأسك في الرمال وتقول: فلنحقق هدفنا الاستراتيجي من هذا النزاع أولاً ومن ثم نعيد بناء سورية. لست متأكداً أنه سيكون هناك سوريا لنعيد بناءها بحلول عام ٢٠١٥". وشغل الدردي منصب النائب الاقتصادي لرئيس الحكومة السابق محمد ناجي عطري، ويعتبر أحد أبرز صقور تلك الحكومة التي عملت على تقليص دور القطاع العام وتخفيض الدعم الحكومي لعدد من المواد، ما أثار ردود فعل شعبية واسعة حينها
|
|