الجمعة 2013-01-11 20:25:58 |
رئيس التحرير |
كرامة السوري ليست خارج الحدود! |
كتب رئيس التحرير: أبدأ أول كلمات افتتاحية العام الجديد بأمل أن يحمل هذا العام الخير والسلام لوطني الجريح سورية ولشعبها الطيب الذي استغلت نقاط ضعفه للأسف لخدمة مشاريع تتعلق بالصراع على السلطة والهيمنة وخدمة أعداء سورية والحرية و تدمير بناها التحتية والاقتصادية والاجتماعية و نقاط قوتها ،صراع دموي بين أطراف تتحدث عن شعارات الحرية والديمقراطية من جهة وأطراف تتحدث عن المؤامرة والممانعة من جهة مقابلة!!! أخرج من دمشق في أول رحلاتي الخارجية لهذا العام متجهاً إلى دبي عن طريق بيروت بعد أن أصبح حق الإنسان في التنقل مرهوناً بطلقة قناص على طريق المطار أو حاجز "طائر"أو قذائف لا تميز بين طائرة مدنية أو عسكرية!!! معظم الشركات أوقفت رحلاتها لسورية لدواع أمنية أو تشغيلية وربما سياسية استجابة لعقوبات ظالمة ضد الشعب السوري. عليك أن تذهب إلى بيروت وتتكلف نفقات السفر البري والإقامة قبل السفر للوجهة القادمة،و"الأشقاء اللبنانيون" وجدوا في أزمتنا بوابة رزق هامة تخرجهم نوعاً ما من بعض أزماتهم الاقتصادية،فالأعمال مزدهرة من فنادق وشقق ومطاعم وسيارات أجرة ومراكز تسوق ،والأسعار مرتفعة جداً ترهق حتى أغنياء سورية الذين اختاروا بيروت للعيش المؤقت هرباً من القتل أو الخطف !! في بيروت ألتقي أصدقاء كثر،أينما يذهب المرء يجد السيارات السورية والأصدقاء والمعارف في "المنفى"الذي اختاروه حلاً يمكنهم من التواصل مع أعمالهم وعائلاتهم وأقربائهم وأصدقائهم والزيارة "خلسة"خوفاً من "مفاجآت"منتظرة!! أحزن عليهم وعلى وطني ،هؤلاء كانوا نجوم وسادة الاقتصاد السوري يقضون أيامهم في محاولة الإبقاء على أعمالهم تسير بالحد الأدنى مع كوادر أصيبت هي الأخرى بعدوى الفساد وقلة الأمانة والكذب وحتى السرقة!!! يحاول رجال الأعمال السوريون هنا في كل يوم أن يحصوا خسائرهم مذهولين مما يجري!! هذا يخسر كل بضعة أيام بولمان ينقل الركاب بين المحافظات السورية سرقة أو حرقاً وتخطف ركابه ويعتدى على مكاتبه وتسرق محتوياتها وأموالها ،ويبقى همه كيف يسدد رواتب موظفيه ومن أين؟!! وذاك توقفت معظم مشاغله وفي مصنعه الوحيد المتبقي تصله كل يوم أخبار سيئة آخرها سرقة تسعة سيارات محملة بالبضاعة متجهة ما بين الرقة والحسكة وخسائره في يوم واحد تقدر بمائة مليون ليرة!!وهمه كيف سيبقي على 3500 عاملاً في مأمن من التشريد والفقر؟! يعاني رجال الأعمال السوريون،وبعضهم معاقبون أوروبياً أو أمريكياً و عربياً من مشكلات تمويلية مع بنوك ساهموا في تأسيسها وإدارتها لكن ذلك لم يشفع لهم باستمرار التمويل –أو حتى التعامل- والويل لمن تعثر في التسديد فقد وقع في المحظور وبات مستقبله في مهب الريح دون رحمة أو تفهم للظروف وسط تأمل الحكومة والمصرف المركزي دون إي ضغط لمساعدة من تعثر في معركته مع البنوك!! في بيروت يحاول مواطن سوري محب وفي لوطنه أن يقوم بعمل يبدأ في اليوم التالي لنهاية الأزمة،يوم نرجوه أن يكون قريباً،يقود فريق عمل من سورية وخارجها،والأمر لم يعد سرياً ويتم بمعرفة الحكومة السورية بل وبمحاولات مخلصة لإشراكها في جهود التخطيط لما بعد الأزمة،وبالتأكيد ليس في الأمر بعد سياسي أو كما يحاول البعض أن يشوش على الجهد المخلص بوضعه في خانة التفكير بما "بعد النظام" وهذا تشويه متعمد للحقيقة!! هناك سيناريوهات قريبة وبعيدة لكل التفاصيل،وبلغة الواقع فقد خلقت الأزمة مشكلات كبرى للاقتصاد السوري ولكنها تحمل بالنتيجة فرصاً لا تحصى لإعادة بنيان ما تهدم وبناء سورية الجديدة المليئة بالفرص والقادرة على الحياة رغم كل الصعاب... وعندما نضع جميعاً الوطن والأبناء والمستقبل نصب أعيننا بدل مصالحنا الضيقة وانفعالاتنا سنخرج بنتائج مرضية للجميع. حان الوقت ليفهم السوريون أن العالم بأجمعه يتلذذ بالفرجة عليهم يدمرون بلدهم،والبعض يشارك بالتدمير عبر التمويل والتسليح والتحريض،وعليهم أن يفكروا بأن الحل يبدأ من وضع مصلحة عليا تجعلهم يتجاوزون خلافاتهم الصغيرة التي صارت كبيرة بسبب العوامل الخارجية المغرضة.. هل من الصعب أن تجد السلطة والمعارضة قواسم مشتركة تتضمن حماية المدنيين والمنشآت ورجال الأعمال الذين خسرنا بسبب خروجهم الكثير من فرص النمو الاقتصادي وفرص العمل بصورة جعلت الجميع خاسرون؟! ألم يحن الوقت لحذف قوائم القتل أو الاعتقال التي تنتظر عشرات الآلاف من أبناء سورية ومعظمهم لا يستحق أن توجه له شتيمة حتى يصبح عرضة للقتل أو الاختطاف أو الاعتقال؟! بيروت ليست بيت السوريين ولا الحضن الدافئ،ولا أي منطقة بلبنان،ولا مخيمات الزعتري التي يهان فيها السوريون ويحقق معهم على الحدود بإذلال،ولا مخيمات تركيا ولا دبي ولا فنادق استانبول والدوحة.. مكان كل سوري هو سورية،وكرامة السوري-مهما كان موقفه-لن تكون إلا في بلده.. الوطن يتسع للجميع،والخير والمناصب تكفي لكل الراغبين فيها شرط أن يقبلهم الشعب وصندوق الاقتراع.. حان الوقت يا أبناء بلدي لنحب سورية بالفعل وليس بالصراخ،لنحب بعضنا بالتسامح وليس بالتخوين.. أيمن قحف- بيروت
|
|