السبت 2012-09-29 02:04:04 |
رئيس التحرير |
من ليس عنده كبير!!!! |
كتب أيمن قحف يجلس أبو منير في بيته يتأمل أحوال بلد أدارها حوالي ثماني سنوات يود أن يفعل شيئاً يفيد البلد من خبرته،يعزز نقاط نجاحه ويعترف بأخطائه وكيف يمكن تجاوزها...لكنه لا يملك اليوم سوى الأحاديث الجانبية والفرجة على أخبار البلد في التلفاز!!! يجلس أبو مصطفى في بيته أو مكتبه المخصص لـ"مقاومة المشروع الصهيوني"،ولكنه يمارس أيضاً نشاطاً اجتماعياً يزور الأصدقاء والمسؤولين الحاليين والقدامى ورجال الأعمال،يطمئنون عن صحته ويسألونه عن العائلة ورأيه في الأحداث ولكن لا أحد يسأل أكثر رؤساء الحكومات السورية شعبية عن وجهة نظره في كيف ندير أمور الداخل اقتصادياً وخدماتياً؟! يلتزم أبو عامر مكتبه في القيادة القطرية،ذات يوم كان لهذا المكتب عز وسطوة،ولكن الحكومة تعمل اليوم بعيداً عن سلطة"المادة الثامنة"ولا يمكن لقيادة الحزب أن تفرض شيئاً على الحكومة وخاصة بوجود نائب اقتصادي معارض،وجل ما تفعله هو توجيه نصائح لرئيس الحكومة الموجود –بحكم المنصب- كعضو قيادة قطرية،ولكن لا أحد يهتم أن يسمع من رجل اشتهر بأنه"ينجز" و بصماته واضحة في المالية ،وهضم العمل الاقتصادي واختمرت تجربته وعرف نقاط القوة والضعف حتى في أدائه بعد ترك المنصب،من المؤسف أن لا يتمكن اليوم من تقديم المشورة والنصيحة-ببلاش-!! يعمل "أبو عبود"بجهد في بيروت في الاسكوا،يحاول أن يكون محترفاً في عمله ليبتعد عن السياسة وهمومها،لكن سورية الأم تسكنه فتراه يعمل الكثير لأجلها من موقعه،لقد اختلف معه كثيرون في نظرياته الاقتصادية وطريقة تنفيذها،ومنهم من أصبح في مواقع القرار ويعيشون من الهجوم عليه بدلاً من تقديم ما هو أفضل مما قدمه،كل الطرق توصل إلى روما،وكل طرق الاقتصاد توصل إلى "السوق" والمؤشرات القادمة من مطبخ الفريق الاقتصادي –وخاصة قضية تسعير المازوت وقضايا الدعم- تثبت أنهم لن يخرجوا من تلك"العباءة" ولو غيروا الألفاظ وأرقام الصفحات!!! كثير من الناس المنصفين الغيورين يسألون لماذا يبقى أبو عبود في بيروت ولا نطلب منه العودة والاستفادة من"أخطائه"؟! يجلس الدكتور سليم في منزله وحيداً من الخلان،يعلق على القضية التي سجن سنوات بسببها:(يمهل ولا يهمل)..أذكره في اجتماعات كثيرة حضرتها كيف كان يختزن في ذاكرته تاريخ سورية الاقتصادي بقضاياه الصغرى والكبرى ،قاد الاقتصاد السوري في زمن الأزمات الخانقة،لا يهمني أنه حوكم وسجن لسنوات فهذا أمر في عهدة القضاء والتاريخ،لكن يهمني أنه رجل قلما يتكرر،وجامعات الاقتصاد الكبرى في الولايات المتحدة تشهد له قبلنا..فلماذا تركناه-بعد أن أنهى سجنه- دون أن نستفيد من خبرته وذاكرته التي لم تصدأ بعد؟! لا أحد يعرف بالتحديد لماذا غادرت لمياء عاصي الحكومة،ولا يجدون تفسيراً لوجود وزراء أقل كفاءة وخبرة منها بكثير،لكن هي السياسة التي قد نتفهم أسبابها ولو لم نفهم!! لمياء عاصي تملك تجربة غنية في عمل ناجح في المالية والخارجية كسفيرة وناقلة تجربة ماليزية باستيعاب كامل ووزيرة للاقتصاد وللسياحة وعضو فعال في الحكومة ،المهم أن لا أحد يفهم لماذا تجلس في بيتها ولا يسألها أحد عن أي شيء يمكن أن تقدمه للبلد؟! بقي الدكتور بشار كبارة لسنوات حاكماً لمصرف سورية المركزي،أعطى للمنصب ثقله المطلوب،لم يتواصل اجتماعياً مع الناس ولا ظهر في الإعلام،لكنه بنى المصرف من جديد وفي عهده ومع حكومة ميرو وبداية حكومة عطري ومع الوزير محمد الحسين في المالية تم تشكيل الاحتياطي من القطع الذي أنقذنا هذه الأيام،كل مشكلات السياسة النقدية لم تشفع له أن يسأله أحد عن رأيه!!! القائمة تطول،وأعتذر إن لم أستطع ذكر عشرات الشخصيات المؤثرة التي يمكن أن نعتمد عليها اليوم-ولو بدون مناصب-ليكونوا شركاء في الرأي والقرار..كما أعتذر ممن ذكرت أسماءهم فربما لم يكونوا ليحبذوا الحديث عنهم على الإطلاق لكنني أعرف أنهم مستعدون لفعل الكثير تجاه بلدهم.. في كل بلاد الدنيا يبقى رجال السياسة والمناصب في الصورة بأشكال متعددة طوال حياتهم،لا تستغني عنهم الحكومات ولا المعارضات،دائماً لديهم ما يضيفونه للنقاش العام ونحن اليوم أحوج ما نكون إليهم.. وأسأل أصحاب الكراسي اليوم:ألا تتمنى أن يحترمك من سيأتي بعدك؟ الاحترام ليس فقط في الاستقبال الجيد،بل بالبناء على ما أنجزه والإضافة إليه،أن نقدر ما فعله أسلافنا ونسألهم المزيد وهم في منازلهم.. الاحترام أن لا نتحدث عن أننا استلمنا الوزارة"خرابة"وسنعود لنبنيها من جديد!! الاحترام أن نصوب برفق الأخطاء وأن نشير بفخر إلى الإنجازات.. قد يقول أحدهم:لماذا البكاء على الأطلال،لقد أخذوا فرصتهم وليدعوا غيرهم يحاول؟!! سؤال مشروع،ولكننا في مرحلة استثنائية تستوجب العمل المشترك،وهؤلاء لديهم الخبرة وبعضهم أيضاً لديه حضوراً مميزاً في ذاكرة بعض السوريين أو في محيطه الاجتماعي يمكنه أن يلعب دوراً في تهدئة النفوس.. لا أريد أن أقلل من أهمية حضور الحكومة الحالية وشخصياتها،فالجميع على درجة عالية من النزاهة والوطنية،لكن ضعف الخبرة والتأثير وقلة من يتمتعون بشخصيات قيادية وإدارية قوية،تجعلني أقلق على مستقبل الدولة بإدارة حكومة قليلة الخبرة والتأثير تعمل في ظروف استثنائية للغاية،ولا أبالغ غذ قلت أنني أرى أحياناً بأم عيني تصرفات وقرارات وتصريحات تدل على أن أصحابها ما زالوا في مرحلة المراهقة في العمل الحكومي ويحتاجون بالتأكيد لمن يرشدهم ويصوب عملهم حتى يبلغوا سن الرشد.. و لعل الأمر لا يقتصر على الخبرات التي عملت في الدولة،بل هناك من رجالات القطاع الخاص،ممن يحبون سورية الوطن والإنسان دون أن يكون لديهم توجهات سياسية،قد يسرهم جداً أن يقدموا شيئاً للبلد وأهله ولكن لا أحد يطلب منهم شيئاً!!! صدق من قال :الذي ليس عنده كبير..فليشتر كبيراً...
|
|