|
كتب:أيمن قحف
من نافذة مكتبه العتيق في فندق الشام بدمشق يمكن أن تسمع أحياناً أصوات انفجارات تنبي بالخطر،أصوات جعلت الكثيرين،وفي مقدمتهم رجال الأعمال يشدون الرحال إلى أماكن ينشدون فيها الأمان..
يشعر المهندس الدكتور عثمان العائدي بالحزن على ما يجري في بلده التي أحبها و استثمر فيها ماله وجل عمره لأنها كانت وستبقى قصة عشق ورمز الأمان والسلام..
يصر العائدي على أن تبقى فنادق الشام مفتوحة في كل الأماكن،ويحاول جهده أن لا يخسر أي عامل مصدر رزقه رغم تعطل حركة السياحة..
لم يغير برامجه التي اعتاد عليها منذ عقود :أربعة أيام في دمشق وثلاثة أيام في الأسبوع ما بين باريس وبيروت،وربما أصبح يطيل مكوثه أكثر في دمشق لأنها معشوقته الأبدية،وفيها ابنته الوحيدة:الشركة العربية السورية للمنشآت السياحية التي كبرت وأنجبت فنادق من فئة خمس نجوم في كل أنحاء سورية..
لقد عرفت الدكتور عثمان العائدي رجلاً جباراً لا تهزه المحن،يقف بصلابة يحمل فوق كتفيه سنواته الثمانين ونيف ويصر على حماية ابنته من السقوط والخسارة..ولكنني لمحت اليوم في عينيه حزناً يختبئ خلف عينيه الصارمتين!
قلة يعرفون حقيقة أن الرجل لا يملك إلا حصة قليلة لا تتجاوز خمسة بالمائة من الشركة وليس بمالك لها،قلة يعرفون أن شركة بدأت برأسمال عشرة ملايين ليرة أصبحت تقدر اليوم بعشرات المليارات كقيمة سوقية وعائدات على المساهمين،والدولة أكبرهم بعشرات المليارات!!!
أضاع عثمان العائدي خمسة وثلاثين عاماً من عمره يبني الشركة ليستفيد منها حوالي عشرين ألف مساهم وخاصة الدولة التي تملك 25% من أسهم الشركة ونسب تصل حتى 40% من الشركات الفرعية،والأمر الآخر الذي لا يعرفه كثيرون أن العديد من الجهات الحكومية،و في مقدمتها وزارة السياحة والمالية وهيئة الأوراق المالية وغيرها تحارب الشركة وتلاحقها بنوع من الانتقام والتشفي وبصورة تظهر أن"الدنيا بخير"ولم تبق مشكلة سوى محاربة فنادق الشام!!!
في مؤسسات الدولة مراهقون لا يتمتعون بحس المسؤولية يحاولون ممارسة حالة"سادية"ضد الشركة ورئيس مجلس إدارتها تؤدي إلى تخريبها بدلاً من مساعدتها على الاستمرار والنجاح ليربح الجميع وليكون هناك عرفان بجميل هذه الشركة ومؤسسها في الصورة السياحية لسورية وبعائدات استثمارية تفوق أي مشروع آخر ..
يجلس الدكتور العائدي في مكتبه،يغالب تعب السنين ليبقي الشركة نابضة بالحياة..
على مرمى حجر من مكتبه ثمة من يخرب الوطن بالسلاح والمتفجرات ليرهب المواطنين الآمنين لكنه مصر على البقاء..
وبجانبه في مكاتب حكومية محترمة ثمة من يخرب صروح فنادق الشام بفتاوى ترهب وتهرب المستثمرين الصالحين الذي آثروا البقاء في الوطن..
أعتذر منك أيها الرجل الكبير،فنحن أمة تصدق فينا المقارنة:في العالم المتقدم يساعدون الفاشل حتى ينجح،وعندنا يحاربون الناجح حتى يفشل!!!
أعتذر منك فنحن لا نستحق رجالاً مثلك،بل نستحق هؤلاء الذين دللناهم حتى جنوا المليارات في صفقات الفساد ثم باعوا الوطن والمواطن وصاروا يصرخون من الخارج:نريد أن نكافح الفساد!!!!
أعتذر منك وأشكرك بنفس الوقت،فما دمت في دمشق فإن الكثيرين سيخجلون من أنفسهم ومن هروبهم وسيبقون..
هناك كثر سيعاتبونني،وسيروون قصصاً عنك تعكس صورهم الحاقدة والغيورة،لكنني أقول بصراحة:لا يمكنني أن أرى اليوم سوى ما تركه كل رجل على تراب سورية وفي وجدان ناسها،سأتجاهل كل الكلام وسأرى حقيقة واحدة اسمها (قصة نجاح فنادق الشام )الماثلة أمامنا جميعاً ولا أحد يمكنه إنكارها ولا حتى تكرارها!!!