الإثنين 2012-06-11 02:45:16 |
رئيس التحرير |
ما قصة الانفجارات تحت بيتي ولماذا يرفضون نقل"المشاورات"؟...الإعلام السوري ..عقود من النمطية و إشراقة مهدي دخل الله التي لم تعمر طويلاً!! |
كتب :أيمن قحف بكل الأحوال،لا تعني حقارة الجامعة العربية ومجلسها الوزاري بقرار وقف بث الفضائيات السورية مؤشر تفوق للإعلام السوري! ولا تعني ممارسات الفضائيات التحريضية البعيدة عن المهنية والأخلاق أن إعلامنا بخير لمجرد أنه ليس قذراً مثل تلك الفضائيات! نحن كمواطنين وإعلاميين نقف بأقصى ما يمكن دفاعاً عن حق إعلام وطني يمثل غالبية الشعب السوري في التعبير عن نفسه دون قيود داخلية أو خارجية،ونتلمس الكثير من النقاط المضيئة في إعلامنا الوطني،و لكن لا يمكننا أبداً أن ننافق ونقول أننا ندير عملنا الإعلامي بصورة محترفة وناجحة تؤثر في الشارع السوري أو في الرأي العام العالمي. لقد أنجز التلفزيون السوري عملاً جيداً ومتقناً بالفيلم الذي كشف حقيقة التفجيرات المروعة التي شهدتها دمشق مؤخراً،وقدم شيئاً يشبه ما تقدمه الفضائيات العالمية من وثائقيات وتسجيليات بمهنية عالية،وهذا أمر دعونا له منذ بدء الأحداث ولا سيما الاعتماد على وقائع ملموسة متوفرة وأشخاص من لحم ودم. إن نجاح الإعلام يتطلب عناصر أساسية هي :الإدارة ذات الرؤية السياسية والإعلامية السليمة والخبيرة والمبادرة،والكوادر المهنية الكفؤة، وتوفر الخبر والمعلومة ،والسرعة.. للأسف من يدير الإعلام حالياً أناس يعملون بعقلية الموظف الحذر الذي يهمه أن لا يخطئ أكثر من الابداع والنتائج الايجابية،إنهم زملاء مهنة و أصدقاء،بعضهم هذا أقصى ما يستطيع ووصل "السقف"،وبعضهم ارتضى لنفسه أن يساير الواقع القائم دون الرغبة في "المخاطرة" مع العلم أنهم قادرون على القيام بالأفضل.. وهذا الكلام ينطبق على الكوادر الإعلامية التي تنقسم ما بين نمطي ومبدع مبادر و مهني حذر ودخيل على المهنة.. لقد وصل العقم بنشرات الأخبار أن يكون خبرنا الرئيسي في معظم الأيام موقف روسي صدر من نائب وزير أو سفير وأحياناً من شخص روسي يسير في الشارع اعتبره فهد كم نقش رأي الشارع الروسي،وأحياناً يكون الخبر الثاني "اعتبر اسامة الدليل رئيس قسم الكذا في الأهرام أن المؤامرة......!!!!! سورية التي تستقطب اهتمام العالم تكون أخبارنا الرئيسية تصريحات مكررة لأناس من الخارج ونفشل في تغطية ما يحصل على بعد 500 متر من مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون!!! في كل شارع وزاوية ومقر حكومي أو حزبي أو أمني هناك قصة تروى وتستحق أن تكون الخبر الرئيسي في الإعلام وبشكل يخدم القضية.. ما الذي يحصل وكيف تدار الأمور؟! أسمع انفجاراً بالقرب من بيتي فأبحث في الفضائيات "المغرضة" فربما أعرف ما يجري،وبعد عشر ساعات قد أجد وغالباً لا أجد خبراً يشرح لي ماذا يجري قرب بيتي؟! ألا يتساءل القائمون على الإعلام لماذا (شام إف إم )هي الأكثر انتشاراً ونجاحاً هذه الأيام؟ ببساطة لأنها الأسرع في نشر الخبر. على مدار اليومين الماضيين حاولت جاهداً أن أقنع أصحاب الشأن بضرورة تغطية مشاورات رئيس الحكومة المكلف،ورأيت أن ذلك يعطي لمسة ايجابية على صورة الحكومة المقبلة وإعطاء الانطباع أن الحكومة لا يتم تشكيلها في السر ومن قبل شخص واحد،بل هي حالة تشاورية تشاركية ديمقراطية يمكن للناس أن يروا أن رئيس الحكومة المكلف قابل أكثر من مئتي شخصية ليستقر الأمر على ثلاثين منهم هم الأكثر كفاءة و قدرة على النجاح.. بعض الزملاء من الإعلاميين أعجبتهم الفكرة كثيراً،ولكن ذوي الشأن و في مقدمتهم الرئيس المكلف رفض حتى الاستماع لشرح الفكرة من زميل حاول نقلها له من منطق قناعته بها،وعلق زميلي قائلاً:يبدو أن القرار ليس من عنده!! مسؤولون آخرون –حتى من ذوي الذهنيات المتفتحة- استهجنوا ما طرحته وكأنني اقتربت من المحرمات!! لا بأس حافظوا على منطق "التعتيم" الذي اتبعتموه عندما لم يكن هناك فضائيات وانترنت وفيسبوك وهواتف محمولة والثريا!! عادت إلى ذهني مهزلة الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب الجديد،لقد نشرت في سيريانديز عشية الجلسة أن الرئيس الجديد للمجلس سيكون المحامي محمد جهاد اللحام،وذلك من مصادر كانت في الاجتماع الذي ضم القيادة القطرية مع الأعضاء البعثيين في المجلس الجديد،أثناء الجلسة اعتبر السيد أنس الشامي أنها "ليست حالة ديمقراطية"والدليل أن أحد المواقع الالكترونية نشر اسم رئيس المجلس منذ المساء!! حصل هرج ومرج و انبرى عضو مجلس بعثي هو المطرب"محسن غازي" ليقول :أنا بعثي ولم يردني أي توجيه بأي اسم!!! هل هي تهمة؟ مجلس منتخب يسيطر عليه البعثيون،مالمشكلة أن يعلنوا قبل يوم اسم مرشحهم للرئاسة ومن يريد أن ينافسه فعلى الرحب والسعة،وهذه مشكلة في علاقة بعض المفاصل القيادية مع الإعلام!! بلدنا يستقطب اهتمام العالم ومع ذلك فعدد من يظهر على شاشاتنا أو الشاشات الأخرى يكاد يعد على أصابع اليدين،تم استهلاكهم بطريقة جعلت الشاشة والمواطن يملون منهم!! هل سورية عقيمة إلى هذا الحد؟إما لبنانيون استهلكوا أو سوريون مللنا منهم أو لا يمكنهم أن يقنعوا أحداً؟! في مسيرة 23 عاماً من العمل الصحفي لا أستذكر سوى إشراقة واحدة في الإدارة الإعلامية قام بها الدكتور مهدي دخل الله سواء في صحيفة البعث أو في وزارة الإعلام.. لقد حاول الرجل أن يدخل لعبة الإعلام بأقل قدر من البيروقراطية والايديولوجيا،حاول أن يصنع منا نجوماً بنشر ما نكتب على الصفحة الأولى ،حاول أن يحولنا من موظفين إلى إعلاميين،وأدخل الكاميرا إلى مجلس الوزراء بطريقة غيرت الصورة النمطية عن الاجتماع الأسبوعي فصار الوزير يظهر على درج المجلس ويضطر أن"يحفظ درسه ولا ينام في الجلسة لأن الكاميرا بانتظاره ليوضح شيئاً ما للمواطنين.. لكن تجربة"المهدي" لم تستمر طويلاً ودخلنا في سباتنا الإعلامي من جديد،ولو استمرت لكنا اليوم من حيث الإدارة والكوادر أكثر قدرة على التعامل مع الواقع..
|
|