كتب :أيمن قحف
لا صوت يعلو فوق صوت "تشكيل الحكومة العتيدة".. ينتظر السوريون تشكيل حكومتهم الجديدة التي يفترض أن تولد من رحم مجلس الشعب الجديد.
التغيير مطلوب وبشكل خاص مع "الأداء"الاستثنائي الذي قدمته الحكومة الحالية برئاسة الدكتور عادل سفر والتي نصبت نفسها "حكومة تسيير أعمال" منذ اليوم الأول لها!.. ما هي الأولويات والمهام المنتظرة؟
أولاً: ينتظر الجميع بفارغ الصبر أن يأتي رئيس حكومة يعيد الاعتبار لصورة المنصب التي اهتزت وتراجعت وضعفت لدرجة تراءى للجميع أن الجالس فيها "لا يجرؤ" على إزعاج محافظ كسر كلامه أو وزير تجاوز قراراته!
رئيس الحكومة يحدد إلى حد كبير هيبة المنصب وقوة حكومته،وليس عن عبث قال نابليون:جيش من الوعول يقوده أسد ..خير من جيش من الأسود يقوده وعل
لقد سمعت من خمسة وزراء على الأقل أنهم لا يرغبون بالعمل في مناصبهم في حال استمر الدكتور سفر في منصبه، والأسباب تبدو متشابهة وتتعلق بضعف الأداء وعدم الحسم والتردد والخوف من أي قرار وعدم تشجيع الابتكار والحلول الإبداعية بل وعدم ترك الوزراء يتحدثون بديمقراطية في الجلسة،كما أن الوزراء يحتاجون لرجل قوي وحاسم عند وقوع خلافات فيما بينهم أو مع المحافظين فهم يرون أنه"لا ظهر لهم"!.. وبالطبع فرأي الشارع وخاصة النخب متوافق تماماً مع رأي الوزراء المشار إليهم!
ثانياً:طريقة تشكيل الحكومة واختيار رئيسها وأعضائها –بغض النظر عن شخصياتهم- ستعطي مؤشرات واضحة عن(تغير أو عدم تغير)آلية تشكيل الحكومة وفقاً للدستور الجديد والإصلاحات المعلنة وخاصة أن تجربة انتخابات مجلس الشعب كانت –من حيث النتيجة- إشارة سلبية مع خروج النتائج من"مطبخ القيادة القطرية"!!
بحسب نتائج الانتخابات لا نستطيع أن نصادر حق حزب البعث في رئاسة الحكومة والحصول على الأغلبية فيها،ولكن قد يكون من الحكمة توسيع مشاركة المستقلين وإدخال معارضين في تشكيلتها،ولا نرى ضيراً من ذلك فالمؤسسة والأنظمة هي التي تفرض على الوزير معظم ما يقوم به وبالتالي ماذا يمكن أن يفعل وزير معارض سوى أن يحاول أن يثبت إمكانياته لخدمة المواطنين؟ هل سيفك وزير نقل معارض سكك الحديد أو هل سيغلق وزير صحة معارض المشافي العامة أو هل سيشكل وزير تعليم معارض "خلايا إرهابية" بدل التعليم في الجامعات؟!
ليأت المعارضون ويجربوا إدارة شؤون البلاد والعباد عسى أن ينجحوا أو يتحملوا العبء قبل أن يرموا البلد بسهامهم الناقدة.
ثالثاً:المطلوب حكومة ذات تمثيل في الشارع السوري،ونعتقد أن حكومة سياسية ستكون أفضل بكثير من "بدعة التكنوقراط"، فحكومة سياسيين ذوي تأثير وحضور قوي في الشارع يمكن أن تستقطب الجميع نحو الحوار والمساهمة في الإصلاح وحماية البلد وليترك التكنوقراط في مواقع تنفيذية اختصاصية أو استشارية فيفيدون بعلمهم ويجنبوننا ضعفهم القيادي..
لقد عزلت الحكومة الحالية-وربما التي قبلها- نفسها عن الشارع فلم تتلمس همومه ولم يشعر بقدرتها على مساعدته في تجاوز أزماته، ومن المهم أن تقترب الحكومة من الناس وأن يكون تدخلها في أي ملف حاسماً يعطيها الهيبة والتأثير..
لقد افتقدت الحكومة الحالية زمام المبادرة وكأنها تنتظر"توجيهات" لكل حركة تقوم بها في إطار مهامها ،مع العلم أنها حصلت على كل التوجيهات في جلستها الأولى برئاسة السيد رئيس الجمهورية!!
رابعاً: لا بد للحكومة الجديدة أن تعتبر ما تقوله المعارضة في الشأن الداخلي عوناً لها لتدارك الخطأ والتقصير ، وأن تحترم ما يقوله الإعلام وأن تتعامل معه بجدية لأنه لمصلحتها،وأن تهتم بالإعلام الوطني ليكون قادراً على مواجهة التحديات والقيام بدوره الوطني والرقابي وفي نجاحه خدمة للجميع.
خامساً: من الضروري إعادة هيكلة بنية الحكومة وبشكل خاص إعادة منصب النائب الاقتصادي ولكن من الأفضل هذه المرة تقويته بضم حقيبة وزارية له تجعله صاحب موارد وميزانية و كوادر تخفف من سيطرة رئيس مجلس الوزراء على عمل النائب،وربما يكون النائب الاقتصادي رئيساً لهيئة التخطيط ونائب الخدمات وزيراً للإدارة المحلية، ومن المهم الإشارة إلى الطروحات المتعلقة بدمج التربية والتعليم العالي ،السياحة والثقافة،وإحداث وزارة للرياضة والشباب و أخرى للشؤون السياسية،وإلغاء وزارة الإعلام التي فقدت كل مغزى لوجودها.
سادساً:من متطلبات نجاح العمل الحكومي إعادة هيكلة الوزارات وإحداث منصب الأمين العام الذي يخفف عبئاً كبيراً عن الوزير ويترك له القضايا الاستراتيجية..
أخيراً وليس آخراً:من الضروري أن يكون الوزير وزيراً،فهو اليوم لا يملك القرار الذي يضيع بين من هو أدنى ومن هو أعلى وبين ألف جهة رقابية ووصية، ونحن إلى الأيام التي نجد فيها وزيراً "رجلاً" يتخذ قراراً للصالح العام ويقول وهو يوقع:على مسؤوليتي السياسية!