الأربعاء 2020-04-15 11:04:32 **المرصد**
حين يقفز الغزال !

كتب: مجد عبيسي
ما ساذكره حقيقي...
منذ ست سنوات، وبين جبال جرداء.. كنت مستلقيا في غرفتي المصنوعة من حجارة وطين وسقف من صفيح في وقت العصر، اتابع برنامجا عن عالم الحيوان، وهالني ما رأيت من مشهد عاد اليوم الى ذاكرتي..
غزال رشيق القد، يتقافز خارجا من اجمة ليثب إلى بحيرة تعج بالتماسيح.. ويقطع بين الفكوك بثوان!!
وقفت مشوشا لاستوعب، هل ما رايته توا كان انتحارا ؟!.. هل الحيوانات تتصرف بغباء كالإنسان؟!
جلست لأتابع، فلا بد من تفسير، ليعود المشهد ليكرر بمنهجية مدروسة تثير فضولي اكثر.. ثم تحركت الكميرا بحركة "الزوم إن" على الأجمة في خلفية المشهد، وخرج صوت المعلق قائلا:
هنا يتضح مم كان الغزال فزعاً، حين فضل الموت بفكوك التماسيح على ان يلتهم ببطء ووحشية "حيا" من قطيع من الكلاب البرية كانت قد كفرت بالدغل باحثة في اثره!
هنا فكرت.. حتى الحيوانات تختار اهون الشرين حين لا مفر؟!
وبالحقيقة، ذكرت هذه القصة اليوم حين قرأت استجداء أصحاب المعامل والمهن والصناعات الصغيرة والخدمية بالسماح لهم بمزاولة اعمالهم، ضاربين عرض الحائط بكوفيد19 الذي ارهب العالم "رغم تعهداتهم بالالتزام بأي شرط صحي تفرضه الحكومة عليهم".. ولكن هيهات أي إجراءات تنفع ضد التقاط هذه العدوى اللئيمة؟!.

المؤشر الخطر في هذا الكلام أن الشعب قد اختار طواعية المغامرة في احتمالية نقل المرض القاتل للأسر والاحباب، بحركة لم افهمها جشعا.. بل انتحار؟!
ولكن إن نظرنا بعين "زووم إن" إلى خلفية المشهد، يمكن ملاحظة ظلال وحوش الجوع قد همت بالخروج في اثرنا لتنهش!!.
إذا، هذا ما يفر منه المطالبون بمزاولة الاعمال، وقد تطرقوا الى هكذا شيء في مطالباتهم، بذريعة العمال وتأمين مرتباتهم.. الخ
إذا، اعتقد أن الأمر قد تجاوز الجشع او عدم الوعي إلى مرحلة الخوف من الجوع، الذي لاح في خلفية المشهد!

هل وصلت الحكومة لمرحلة الإفلاس الفكري، ولجأت للدوران في حلقة مفرغة بتقديم العلاج الواحد للأمراض المتعددة، والذي تمخض عنه انهيار بالمعادلة الاقتصادية بين الدخل والصرف؟!
الحكومة اليوم تبحث في تأمين الحاجات دونما مراعاة سعرها!!.. وهذا شر اخطر من فقدان السلع نفسه!
فإن كانت الحاجات متوافرة في الاسواق ولكن أعلى من قدرة المواطن الشرائية بما سيفيدنا هذا الكساد؟!
لا بل عند توافر المواد في الاسواق وإفلاس المواطن، ستحدث كارثة اجتماعية متنوعة من الجريمة والسطو والسرقة، وسنخسر ما حاربنا سنوات لانتزاعه... "الأمان" !!

فهل ستجبرنا الحكومة اليوم -متكئة على الاوضاع- على الهروب من دغل الغلاء الوحشي للقفز في بركة المطالبات بعودة الحياة الاقتصادية ليلتهمنا كوفيد 19؟!
رغم مقاربة قصة الغزال لواقعنا اليوم، إلا اني لم اعرف -ضمن الاسقاطات- عن دور الحكومة في القصة..!
انا في هذه اللحظة.. فعلا خائف من الإجابة.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024