الإثنين 2020-02-10 09:48:11 أخبار المال والمصارف
مرسومان جمهوريان.. يسقطان الدولار بالصفعة المزدوجة

سيريانديز – مجد عبيسي
قبل البدء، هل يحق لنا التساؤل عما إذا كانت الحكومة في أروقة اتخاذ القرار كانت تعيش حالة من الخمول الحذر، تنشطت بصدور المرسومين التشريعيين رقم 3-4 لعام 2020؟!
مرسومان رئاسيان، كانا كفيلين باختصار مطالب سنوات لدعم الليرة السورية، وقلبا الطاولة على رؤوس "المضاربين"، والذين صار ذكر اسمهم يوازي الاشمئزاز الحاصل من ذكر العصابات المجرمة وشركائها في سفك الدم السوري.
يمكن عد المرسومين مكرمة، كيف لا وهما يقضيان بتشديد عقوبة على كل من يتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات، أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري، وتجريم كل من ينشر أخباراً وهمية أو أسعاراً غير صحيحة لسعر الصرف.

تسارع النتائج على الأرض:
جاء تأثير المرسومين الرئاسيين بشكل فوري، حيث تحسن سعر صرف الليرة في السوق بأكثر من 15% خلال يومين، مصرف سورية المركزي فجر مفاجأة وأعلن دفع 700 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد لكل من يرغب، ودون قيد أو شرط.
ورئاسة مجلس الوزراء –من فورها- عقدت اجتماعاً ناقشت فيه بشكل موسع دور ومهام كل وزارة في تطبيق الآلية التنفيذية للمرسومين التشريعيين (3) و(4) بخصوص تشديد العقوبات للمتعاملين بغير الليرة السورية. وأطلقت تصريحاً يبت بأن المرسومين موجهان للمتلاعبين والمضاربين على الليرة، ولا يستهدفان قطاعات الأعمال والاستثمار والتجارة الخارجية والحالات المسموح لها قانوناً التداول بالقطع الأجنبي، وأن جميع الإجراءات تهدف إلى تحصين العملة الوطنية ما ينعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي والوضع المعيشي للمواطنين".
فيما بدأت وزارة الداخلية حملة ضد كل من يقوم بشراء وبيع الدولار بشكل غير مرخص واعتقلت عشرات الأشخاص.. حتى اللحظة.
الحقيقة أن المرسومين لجما الطلب على الدولار بالسوق السوداء، وضيقا على المواقع ووسائل الإعلام والتطبيقات الالكترونية التي تسببت بتأجيج أسعاره طيلة السنوات السابقة.
اليوم، السوق السوداء باتت هادئة، وضاق الخناق على المتعاملين والمضاربين فيها، والمركزي ينتظر مبادرات البيع بسعر الـ700 ليرة، فالمواطنون حذرون ريثما يتأكدون أن لا أحد بالسوق السوداء يدفع أكثر من هذا السعر. وهذا تحدده صرامة تطبيق المراسيم من قبل الداخلية وأدواتها.
رئيس الحكومة السورية عماد خميس يؤكد:" جادون بكل ما تعني الكلمة للضرب بيد قوية"..

نقاط القوة في المرسومين؟
المرسوم الأول (3) يقضي بتعديل المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2013، حيث يشدد العقوبات على المخالفين، وأصبحت العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات وغرامة مالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة".
كما قضى المرسوم بعدم جواز إخلاء السبيل في الجرائم المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2013.
بينما المرسوم الثاني (4) يتعلق بمكافحة المضاربات عبر النشر الإعلامي أو صفحات التواصل، بتجريم كل من ينشر ويضارب عبر الصفحات الإلكترونية من خلال نشر أسعارا وهمية تتعلق بالقطع الأجنبي والذهب.. بينما مسألة الحوالات كما هو واضح، فلن تتغير عن السابق..

تصريحات في الوقت المستقطع!!
الأثر الإيجابي للمرسومين جاء بتسارع كبير، كان يجب أن يتبعه انخفاض في بعض الأسعار نظراً لربطها بالدولار بطريقة أو بأخرى، ولكن جاء تصريح رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس كسكب الماء على النار قبل أن ينضج الغداء: "لا نستطيع حالياً تخفيض الأسعار لأن هناك مواد مستوردة مرتبطة بالدولار الذي ارتفع من 500 إلى ألف ليرة أي 100 في المئة".
لربما كان هذا الكلام صحيحاً، ولكنه ليس في أوانه!! فقد فهم بطرق متعددة، وتناقلته وسائل الإعلام ما بين موضح ومستنكر، ورداً عليه.. وبشكل غير مباشر، انطلقت حملات تسوق وشراء جماهيرية تنادي بالتخفيض بطرق شتى، يمكن وصفها بالحملات العاطفية ليست ذات الأثر الاقتصادي المرجو، ولكنها جسدت لحمة الشعب السوري، وأوصلت الرسالة للحكومة، تنادي فيها بدعمها بقنوات حكومية لتصبح حقيقة فاعلة في اقتصاد المواطن اليومي.
ويمكن القول إن الحكومة تسلمت الرسالة، وبدأت بخطوات نحو هذا الاتجاه، وإن كانت متمهلة، حيث صرح رئيس الحكومة في جزئية من تصريح: "....هذا لا يعفينا من دورنا، والمصرف المركزي والحكومة بدأت بعناوين تشريعية وقوانين وإجراءات".

رأي خبير:
الخبير الاقتصادي د. ماهر سنجر تفاءل بالمستقبل، مؤكداً لسيريانديز أن المرحلة ما قبل 18 كانون الثاني لعام 2020 ليست كما بعده، سواء في السياسة النقدية والاقتصادية في سورية، حيث وسم هذا التاريخ بصدور المرسومين رقم /3/ و/4/ الذين شددا العقوبات على كل من يتعامل بغير الليرة السورية وكل من يحاول التلاعب وافراز حالة اقتصادية غير سليمة.

وأضاف: لا يمكن اختصار الأثر والنتائج الإيجابية الكثيرة لكلا المرسومين ولكن يمكن تلخيص بعض من هذه النتائج كما يلي:

- شكل كلا المرسومين نقطة فارقة نقلت السياسة النقدية والاقتصادية التي كانت متبعة من الفريق الاقتصادي والجهات المعنية من السكون والصمت إلى مرحلة العمل ومن قرار اقتصادي متردد يتصف بالتأجيل والتريث والتجريب والتجريب وعدم المصارحة إلى منهج عمل حقيقي.

- خلق المرسومان حالة من لا مركزية الأثر، وهذا ما لم نشهده بقرارات الفريق الاقتصادي وأقصد بذلك عدم اقتصار أثر المرسومين على الجانب الاقتصادي المتمثل بدعم وتعزيز السياسة النقدية وتحسين قوة الليرة السورية بل التأثير بمطارح اجتماعية من خلال تخفيف العبء المادي والمعنوي على المواطن.

- أضعف المرسومان دكتاتورية الجغرافيا، وما أقصده هنا كسر حالة التوأمة بشكل المضاربة على الليرة السورية، فارتفاع هشيم المضاربة في لبنان يعني اشتدادها في سورية، والعكس صحيح، حيث عمد المضاربون إلى خلق مساحة سوقية كافية للمضاربة من خلال توحيد نمط وشكل المضاربة في كلا البلدين.

- ارتكز المرسومان على خلق حالة من تواتر الأثر الايجابي على المدى القصير والمتوسط والطويل فالجميع لمس النتائج فوراً من تحسن بقوة الليرة السورية، ورفع مستوى الثقة بها وتعزيز وظائفها كوسيلة للتبادل والادخار لننتقل بعدها إلى ملامسة النتائج على المدى المتوسط من خلال تخميد أثر المضاربة على اللاعبين الرئيسين بقنوات التوزيع (مصنع أو مستورد – تاجر جملة  - مفرق .....وصولاً إلى المستهلك النهائي) حيث عمد المضاربون بغية إضعاف الليرة إلى التأثير بمكونات سلاسل التوزيع، ليبدأ أثر المضاربة برفع أسعار المصنع أو المستورد يليه رفع أسعار الباقين، كل بدوره من تاجر جملة ونصف جملة ومفرق ليدفع المستهلك النهائي فاتورته مضاعفة بأحسن حال ثمناً لقوته اليومي. أما على المدى الطويل فسيتمثل الأثر لكلا المرسومين بمنع تكرار دورة حياة المضاربة على الليرة بنفس المنهجية والطريقة والشدة.

- منح المرسومان القوة للرسائل الاقتصادية الموجهة إلى الداخل والخارج فقد اعتدنا سابقاً على الرسائل الاقتصادية الخجولة الموجهة من الفريق الاقتصادي والتي تمثلت برسائل تستند إلى انتظار التدخل، أما اليوم فالرسالة واضحة وشديدة اللهجة "لا للإرهاب الاقتصادي المحلي والدولي المتمثل بإجراءات جائرة والضغط لإنتاج ربيع شائك وحصار اقتصادي خانق.. ولا للعربدة على الدول لسداد ديون الدول الغنية... ولا لتسمين الدولار الأمريكي على حساب مدخرات السوريين تحسباً لأزمة اقتصادية عالمية قد تطيح بمكانة الدولار".

- عدل المرسومان من فاعلية اللاعبين في دوامة المضاربة فتم سحق المضاربين مقابل زيادة التأثير والوعي والمسؤولية المجتمعية للمواطن السوري الذي كان الأضعف ليضحى بعدها المواطن السوري هو المؤثر والفاعل ولينطلق بجملة من المبادرات المعنوية والمادية التي حتماً ستنتقل عدواها الإيجابية إلى دول أخرى.
 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024