الخميس 2019-06-27 10:38:10 **المرصد**
نظامنا الاقتصادي المشوش.. هل ينتهي بسيطرة اقتصاد الظل ؟!!

سيريانديز- مجد عبيسي
عند تقاطع سوق باب الجابية، هابني منظر فوقفت. باعة مبتسمون.. ومواطنون لم يحرموا أنفسهم متعة المعروضات الموسمية، فحملوا منها بالحدود الدنيا. الباعة مبتسمين، وشبح مظلم يسيطر على قبة السوق يبتسم كابتسامة الباعة ويعتم على ليرات الموظفين كي لا يروا ماذا ينفقون!..
رأيت يا سادة اليوم /اقتصاد الظل/ وهو يخيم على أسواقنا بعدما سئم المتكلمون من الخوض فيه. اقتصاد الظل، أو ما يسمى بالاقتصاد الموازي، ليس من أشكال الاقتصادات الأربعة المعروفة عالمياً، بل هو وليد مشوه وشرير لحالة من الخلخلة وعدم الاستقرار في القرار الاقتصادي والإجراءات الناظمة له، والمؤلم حقاً ما قرأت مؤخراً في إشارة بعض التوقعات أنه بات يشكل الآن ما يعادل ٧٥ بالمئة من اقتصادنا النظامي.
كنت أعتقد لفترة أن اقتصادنا قد تجاوز مرحلة الاقتصاد التقليدي للاقتصاد الموجه، ولكن من شروط الموجه أن يكافئ أفراده بأسعار سلع سوقية معقولة، إذ أن الحكومة هي الناظمة الأساس فيه، فهي في النهاية سوف تسعّر، ولكن هذا عكس الواقع، حيث تبيع الدولة المستورد الدولار بسعر أقل من السوق بأكثر من مئة ليرة، والمستورد لا يعكس ذلك على سعر المنتج!، ولا ضوابط لإلزامه أو من التأكد أن المبالغ التي صرفت للاستيراد صرفت بالكامل على ما تم استيراده.. وتبقى الأسعار -على لسان التجار- تتأرجح حسب سعر السوق الأسود. ذهبت إلى نوع آخر، ففي فترة سابقة خطونا باتجاه اقتصاد السوق، والذي بدأنا بجني أولى ثماره اليانعة قبل الأزمة مباشرة، ولكن مع انكفاء الاقتصاد على حالة التخبط بسبب الحرب تلاشت نواتجه، ولكن -رغم ذلك- واظبت الحكومة على تشجيع العمل ببنود اقتصاد السوق هذا، عبر منح الاستثمارات وحلحلة فكرة الاستئثار الحكومي ببعض المنافذ الاستثمارية الهامة، وفتح منافذ جديدة لم تكن.
ولكن حتى الآن لا شيء ملموس على الأرض، والعمل في هذا المنحى لم يزل في بواكيره لعدم اكتمال المحفزات بعد، مما يجعل الاقتصاد في حالة لا يمكن وصفها باقتصاد سوق ولا حتى باقتصاد مختلط، لفقده الكثير من مقومات هذا الأخير أيضاً..!
جل ما يمكن قوله أن اقتصاد الظل قد خيّم، ويقوم ببلعمة أيه محاولة لتنظيم الواقع الاقتصادي السوري، لأن التوجه نحو إنعاش الليرة المتيع حالياً هو كمن يرمى بالماء على النار السعير.
نحن بحاجة لإنعاش الاقتصاد ذاته بعيداً عن أفكار طرح سيولة لخفض سعر الصرف، فبدلاً من ضخ مليارات الدولارات للدفاع عن قيمة العملة، قد يكون من الأفضل أكثر أن نستثمر هذه المليارات في علاج ضعف الاقتصاد أو في خلق استثمارات جديدة تغذي قوة العملة وقوة الاقتصاد، فسياسة تحدي السوق هي سياسة عقيمة، كتحد موجة لضربها بلوح خشب بدلاً من استخدامه للركوب عليها! هنالك تجارب عديدة يمكن الاطلاع عليها والاستفادة منها في ذلك مثل التجربة البريطانية والإيطالية والتجربة المصرية.. ولكن إن استسلمنا لسياسات الظل التي تغطي الشمس سيظهر هذا الاقتصاد الاسود.
دور الإعلام ليس التنظير في مجال له أهله المتخصصون، ولكن المطالبة فقط بأن لا تبق هذه السياسات خبيئة، تتوارى خلف التزام الصمت والامتناع عن التصريحات، والاكتفاء بالإجابات الباردة على تساؤلات ساخنة، فهناك من أهل الخبرة والفكر ليسوا في أماكن اتخاذ القرار.

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024